ربما لا يعرف الكثيرون في البلدان النامية أن العلوم الاحصائية منتشرة جداً في أوروبا الصناعية والولايات المتحدة.
وقلما يعرف الناس مثلاً أن في فرنسا معهداً قومياً للاحصاء، وأنه ينشر كل أسبوع مطالعات دقيقة عن شتى فروع نشاط الأمة.
وهكذا تعرف الحكومة أن سعر المواد الغذائية قد ارتفع بنسبة كذا في الفصل الأول من سنة كذا، وأن أجور بيوت السكن انخفضت أو ارتفعت في كذا منطقة، أو أن عدد المتزوجين يرتفع بمناسبة العطلة الصيفية، وعدد المواليد يبلغ حده الأقصى في الربيع، إلى غير ذلك من الاحصاءات التي ربما لم تخطر على البال.
مثاله أنهم أحصوا حديثاً في فرنسا عدد النساء الوحيدات سواء كن مطلقات أو أرامل أو عازبات فوجدوا أن هذا العدد يبلغ في الوقت الحاضر ثلاثة ملايين امرأة.
وكذلك أحصوا عدد الناخبين فوجدوا أن عدد النساء الناخبات يجاوز عدد الرجال بنسبة ثلاثة بالمئة وصنفوا الناخبين حسب الأعمار واستنتجوا أن الطبقة الفتية من ابن 21 إلى 45 ستصبح الطبقة العددية الأولى ابتداء من سنة 1972م.
واستندت وزارة التربية الفرنسية على الاحصاءات لكي تدعو طلاب البكالوريا إلى اختيار فروع الرياضيات والعلوم بدلاً من اختيار الفروع الأدبية والفلسفية، نظراً للحاجات الصناعية الواردة في المطالعات الاحصائية، علماً أن نسبة الطلاب في فروع الأدب والفلسفة تدرك الآن 45 بالمائة، من المجموعة، واستند وزير التربية على الاحصاءات لتحذير الطلاب من تقلص أبواب التصريف في بعض الفروع الاقتصادية وناشدهم ان يختاروا شعبة أخرى لا تزال محتاجة إلى اختصاصيين كأطباء الأسنان والمهندسين في العلوم الالكترونية وأطباء التخدير الجراحي.
وقد يسعنا أن نورد ألف مثال للدلالة على منزلة العلوم الاحصائية وفوائدها الحيوية للأمم الحديثة.
وقصارى القول ان الرقي كائنا ما كان وجهه، أصبح مترتباً على احصاءات ثابتة سليمة فهو الركن الذي ينهض عليه الاقتصاد الحديث وعصب المدنية العصرية.
|