المياه الزرقاء من الأمراض التي تصيب العين وربما تؤدي تدريجياً إلى فقدان البصر متى أهمل في تشخيصها وعلاجها مبكراً، لكن ماهي أسبابها وكيفية الوقاية منها وعلاجها؟ وماهو التعريف الطبي لها ؟ وهل هي من الأمراض الخلقية أم المكتسبة ؟ وغيرها من التساؤلات التي يجيب عنها د0 نادر هدهود استشاري طب وجراحة العيون بمستشفى الحمادي بالرياض من خلال هذا الحوار.
* بداية ماهو التوصيف الطبي لمرض المياه الزرقاء وكيفية الإصابة به؟
- تعرف المياه الزرقاء على أنها ارتفاع غير محتمل بضغط العين يؤدي إلى تغيرات باثولوجية منها اضمحلال بمجال النظر يبدأ من المحيط أو بجوار المركز، مما يؤدي في النهاية إلى فقدان البصر مع ضمور بالعصب البصري، ويرتفع ضغط العين بدوره وينخفض تبعاً لإفراز سائل العين الداخلي من الجسم الهدبي ثم تصريفه من زاوية العين بالخزانة الأمامية عن طريق قناة تسمى بقناة أشليم، وهناك أجهزة معينة لقياس ضغط العين، وتنقسم المياه الزرقاء إلى خلقية، ومكتسبة وأولية وثانوية.
* ماهو المقصود بالمياه الزرقاء الخلقية وكيفية ملاحظتها؟
- تتكون المياه الزرقاء الخلقية حتى قبل ولادة الطفل، ويولد مصاباً بها، وتلاحظ الأم في هذه الحالة بأن عين طفلها بها سحابات بيضاء بالقرنية، وذلك نتيجة لتسرب سوائل العين للقرنية بعد تشرخ الطبقة الداخلية لها نتيجة تمدد العين لتعويض زيادة الضغط بها، ويكبر حجم العين بدرجة كبيرة والسبب في ذلك غالباً هو وجود انسداد خلقي في زاوية العين المسؤولة عن تصريف السوائل، مع مراعاة التفريق بين هذا وبعض الأسباب الثانوية وأهمها ورم «رتينوبلاستوما» الذي يصيب الطفل غالباً في عامه الأول بعد الولادة، ويتسبب في ارتفاع ضغط العين، وفي مثل هذه الحالات يكون الاكتشاف المبكر مناسبة لاكتشاف هذا الورم الذي يؤدي إلى وفاة الطفل في حالة عدم اكتشافه وعلاجه.
* أشرت إلى وجود حالات مياه زرقاء مغلقة الزاوية، فما هو المقصود بذلك؟
- توجد عدة عوامل تسبب ضيق أو انغلاق زاوية العين والمسؤولة عن تصريف سوائل العين منها حالات صغر حجم العين والإصابة بطول النظر، وعندما تتزاحم القزحية في زاوية العين في حالات تمدد واتساع بقبق العين تنغلق زاوية العين تماماً وينعدم تصريف سوائل العين الداخلية فيرتفع الضغط وقد يصل إلى نسبة عالية جداً ويحدث هذا المرض بعد سن الأربعين وفي النساء بمعدلات أكبر نظراً لتقلب المزاج العاطفي.
* وماهي الأعراض المصاحبة لهذا النوع من المرض ؟
- غالباً مايحدث صداع شديد يشعر به المريض مع «زغللة» في الرؤية تصل تدريجياً إلى حد انعدامها، وعلى سبيل المثال عندما تشاهد امرأة مشهداً إنسانياً أو عاطفياً مؤثراً يحدث توسع في «بؤبؤ» العين فتنغلق زاوية العين تماماً، وقد تزول هذه الأعراض بزوال المؤثر، وقد لاتزول، وهنا يجب رؤية زاوية العين بعدسات معينة للتأكد ما إذا كانت الزاوية ضيقة ودرجة الضيق لتحديد أسلوب العلاج المناسب.
* وما هو الأسلوب المتبع لعلاج مثل هذه الحالة؟
- يعطى المريض في البداية علاجات لضبط ضغط العين قبل التدخل الجراحي، لأن إجراء أي جراحة في عين متوترة تعاني ارتفاع الضغط يمثل خطورة كبيرة، وربما يؤدي إلى انفجار الأوعية الدموية بمشيمة العين أو حدوث نزيف شديد، وربما تؤدي علاجات ضبط الضغط إلى تحسن في الرؤية وزوال الصداع، فيرفض المريض إجراء الجراحة، وهو خطأ كبير حيث إن العلاج الجراحي ضرورة، حتى لا تصبح العين معرضة لنوبات جديدة من ارتفاع الضغط ومن ثم احتمالات تليف العصب البصري، وحديثاً قد يكتفى بعمل ثقب بقزحية العين عن طريق الليزر.
* وهل يمكن حدوث إصابة بالمياه الزرقاء رغم أن زاوية العين تكون مفتوحة؟
- يحدث هذا غالباً بعد سنة الخمسين وتتساوى معدلات الإصابة في الرجال والنساء، وفي هذا النوع من المياه الزرقاء قد يفيد العلاج بالعقاقير لفترات طويلة، لكن من خبرتي التدخل الجراحي يكون أفضل لضمان سلامة العصب البصري، حيث ثبت أن تغير ضغط العين ارتفاعاً وهبوطاً يؤثر بالسلب في العصب البصري بدرجة كبيرة، وقد تكون أكثر سلباً من ضغط عال بصفة مستمرة.
* ما صحة أن بعض الأمراض التي قد تصيب العين تكون سبباً في الإصابة بالمياه الزرقاء؟
- يحدث هذا بالفعل فيما يعرف بالمياه الزرقاء الثانوية وهذا النوع من الإصابة قد يكون مفتوح أو مغلق زاوية العين نتيجة للإصابة بأمراض أخرى مثل تورم عدسة العين أو تقشر غلافها أو نفاذ بعض خلاياها الداخلية مما يؤدي إلى انغلاق زاوية العين، وقد يحدث انخلاع للعدسة من مكانها وتحشر بؤبؤ العين ويعرف هذا بالمياه الزرقاء العكسية، لأن العلاج هنا باستخدام موسعات البؤبؤ لتحرر العدسة وإفساح المجال لتصريف السوائل، وليس بمضيقات البؤبؤ كما هو الحال في جميع حالات المياه الزرقاء.. كما أن الإصابة بالسكري من المسببات المهمة للإصابة بالمياه الزرقاء.
* أشرت إلى أفضلية العلاج الجراحي للمياه الزرقاء، ولكن ماذا عن العلاج بالعقاقير؟
- بصفة عامة فإن العلاج بالعقاقير يهدف إلى تقليل إفراز سائل العين أو تسهيل تصريفه أو الاثنين معاً وتشمل العقاقير «مضيقات البؤبؤ» مانعات أنزيم كاربونك أنهدراز ومغلقات ألفا بتا البروستاجلاندين، لكن هذه العقاقير لها عدة آثار جانبية مثل حدوث تقلصات في الجسم الهدبي بالعين فيسبب صداعاً أكثر، وبعضها يهدد صحة الكلى أو القلب أو الرئة، بعكس التدخل الجراحي والذي تقل فيه المضاعفات السلبية إلى حد يكاد لا يذكر.
|