لم يحفل دينٌ بالبيئة ونظافتها وسلامتها وصيانتها من أي نشاط جائر او اعتداء من قبل الانسان مثلما حفل بذلك ديننا الاسلامي الحنيف، فجاءت احاديث الرسول الكريم لتبين لنا اهمية عدم ايذاء الانسان او نشر ما يضره بالطريق العام، وقرن هذا العمل بالايمان بالله حيث قال عليه الصلاة والسلام: «الايمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» وهكذا.. كانت إماطة الأذى عن الطريق هي شعبة من شعب الايمان بالله.. فأي أهمية وأي قيمة يضعها الاسلام لضمان عدم الإضرار بالبيئة التي نحيا فيها، وأن من يتصدى لإبعاد الضرر عن الانسان في الطريق العام يكون عملاً من الاعمال الدالة على الايمان.
وكقيمة اخرى حث عليها النبي الكريم تتمثل في ضرورة ان يظل الانسان المسلم يغرس غرسه لتجميل البيئة وتحسينها ونشر الظل حتى لو قامت الساعة حيث يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: «إذا قامت الساعة وفي يد احدكم فسيلة فليغرسها» وقال عليه الصلاة والسلام ايضاً «ان رجلاً مر بغصن شوك في الطريق فقال: لأنحينه عن طريق المسلمين لايؤذيهم.. فزحزحه الله عن نار جهنم».
وهكذا، وكما نلاحظ من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. كيف اهتم الاسلام بالبيئة وكيف حث الانسان المسلم على العناية بها فعلى الارض يحيا، ويمشي وينتقل من موقع الى اخر، ومن ثمارها يطعم ويتغذى، وعلى هوائها يتنفس ويستنشق ما يبقيه حياً، ومن مياهها العذبة يرتوي، ومن بحارها المالحة يأكل لحماً طرياً ويستخرج اللؤلؤ والمرجان.
ومن هنا فإن الانسان اينما كان على الأرض مأمور ومطالب بأن يحفظ كل ما يحيط به، وهو ما نطلق عليه اصطلاحاً حديثاً «البيئة» فلا يأتي من يضير بها أو يؤذي عناصرها أرضاً أو هواءً أو مياهاً، وهو مطالب بإعمار الأرض وتنميتها وتحسينها فيغرس الاشجار لينتشر الظل وليزداد المكان من حولنا جمالاً وبهاءً وخضرة.
ومن ذلك يتضح ان مسؤولية صيانة البيئة والحفاظ عليها والعمل على بقائها نظيفة هي ليست مسؤولية الاجهزة الحكومية والشؤون البلدية وحدها، وانما هي مسؤولية كل انسان منا، فالمرء مطالب بألا يلقي المهملات والنفايات في الشارع ظناً منه ان آليات البلدية سوف ترفعها، فواجب المرء ألا يضر بالبيئة ويسيء اليها ويقول إن غيره مسؤول عن نظافتها وإن فعل ذلك غير مضطر فلا شك انه سيحاسب عليه يوم القيامة، وإن على الجميع أن يضع النفايات في الموضع المخصص لها.
وعلى اصحاب المصانع ان يراعوا المعايير السليمة في التخلص من النفايات الصناعية التي تشكل ضرراً كبيراً على الصحة العامة للمواطنين، بل وتصيب الحيوان ايضاً بالمضار الخطيرة، وليعلم هؤلاء ان اهتمامهم وحرصهم على التخلص الآمن من النفايات هي مسؤولية ليس وطنية فحسب بل مسؤولية دينية سيسألون عنها امام الله.
وخلاصة القول ان الحفاظ على بيئتنا نظيفة من كافة الملوثات والنفايات وضمان بيئة صحية سليمة نقية هما مسؤولية الجميع.. وليست مسؤولية جهة او فرد بعينه، بل هي مسؤولية مشتركة، وأمانة سنسأل عنها يوم الوقوف امام رب العباد، وإذا بناء جيل جديد وأجيال صحية سليمة قوية فعلينا ان نجتهد في صيانة البيئة التي يحيون عليها من كافة الاضرار والملوثات.
mndila@rdcci.org.sa
|