في الحلقة الفارطة أشرنا إلى أن الحكومة الرشيدة لمولاي خادم الحرمين الشريفين قد أولت الأيتام رعاية خاصة وأفردت لهم جزءاً كبيراً من همومها واهتماماتها مادياً وتربوياً وسخّرت في سبيل ذلك دور الرعاية الاجتماعية التي تقوم على نسق يتوافق وأحاكم الشريعة الإسلامية السمحة، وليس كما نراه ونسمعه عن دور الرعاية الاجتماعية في الدول الغربية التي تسلخ الابن برمته من أسرته ونسبه وشجرته التي تفرّع منها بل انه وفي كثير من الدور الاجتماعية الغربية نجد أنهم يجمعون البيض كله في سلة واحدة ويختلط حابل البشر بنابلهم لتجد من فقد أباه وهو اليتيم في عُرف الشرع الإسلامي قد وضعوه في خانة «اللقيط» الذي جاء بمزاج السفاح اللعين ويجعلون من ذلك مسألة انسانية ليخلطوا بذلك صالح المنشأ مع الطالح، ثم يجمعون كل هؤلاء ذكوراً واناثاً بطريقة ربما تفضي إلى تنشئة غير فاضلة ولا تتغشاها غريزة العاطفة الإنسانية من أي جانب من الجوانب.
ومن هنا عَرف الناس العالم الغربي بقيم التحلل والتفسخ والتفكك الأسري وضياع لحمة الأسرة ومنبت الحياء والخلق الرفيع بل أصبحت تلك العوالم الغربية تبحث عن منفذ تخرج به من ضيق ما أوقعها فيه ساداتها وكبراؤها من قوانين مائعة أضاعت أجيالاً وما زالت تقذف بكثير منها على قارعة الطرق وأزقات الحواري القاتلة.
وهنا في المملكة العربية السعودية بلد الإسلام فالوضع مغاير تماماً، إذ حقوق الانسان ومطالب الآدمية مرعية مصونة وفقاً للدستور السماوي الذي ارتضاه حكام هذه البلاد شريعة ومنهاجاً واستنبطوا من أحكامه العامة كيف يُعامل اليتيم الذي حُرم نعمة الأبوة وهو يافع فاقد الريش الذي يطير به في معترك الحياة اللاهثة.
لذا فليس بمستغرب ذلكم الحضور الباهر لسيدي أمير الرياض سلمان في ليلة تكريم اليتيم والتعاهد على ألا يقع من بين أيدي الكرماء في هذا البلد المعطاء، كما هو ليس مستغرباً رعايته الحانية لحفل الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام الذي أقيم في مركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض، فقد كان لي شرف المشاركة بذلك الحفل الذي افتتحه سموه بفتح شهية الأرامل والقصّر عندما دفع المال سخياً لا تحمله مِنّة ولا تعتريه مظاهر الأنا التي غلّفت الكثير من عطايا الآخرين، أما الأمير الإنسان سلمان فقد أرسل بتبرعه السخي لجمعية الأيتام عشية اجتماع عمومية الجمعية فكان تبرع سمو سيدي سلمان بمثابة رسالة سامية تنطوي على الخير كله وتنطق بحب للأيتام يختلط بالدم والأنفاس وحنايا الضلوع.ويتجلى لنا أن قضية الأيتام في مفهوم الأمير الإنسان سلمان أكبر من حلحلة وضع معيشي لأسرة وإلقاء حبات الخبز في حلوق الجياع لكنها مدرسة الوفاء التي تكفل للجميع حياة كريمة متساوية تُلقي حُبَّ الراعي في قلوب رعاياه ثباتاً ويقيناً يصعب معه التزحزح أو الترنّح في المواقف.
فما أعظم ما شهدته عيوني من حب الأمير الإنسان سلمان للصغار وقربه منهم ومداعبته لهم وطبع قبلاته الحنونة على خدودهم البريئة، وبعد أن كنت شاهدة على ما دار في حفل الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام فإن القلب مطمئن على هذه الشريحة التي تعيش تحت كنف الأمير سلمان، ولا نقول لهم إلا كلمات الطمأنينة على مستقبلهم بعد أن وجدوا من يمسح الدموع ويوقف نزيف الصياح ويعلن الحرب على الجوع والمسغبة.. فهنيئاً لكم أيها اليتامى بالأمير الحاني سلمان الذي يحبكم وتحبونه.
(*) عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
|