من الملاحظ أن عدد المشروعات الصغيرة الجديدة يزداد كل يوم، وإن كان بعض منها يصادف النجاح، إلا أن بعضها الآخر منها يؤول إلى فشل ذريع لمستثمريها المبتدئين. ونرجع هذا إلى أن التغيير الاستثماري المستمر في عالم اليوم يعد أهم التناقضات التي تواجه قيام هذه المشروعات الصغيرة الحجم في رأسمالها وعدد عمالها. وإذا كانت هذه المشروعات عرضة للتغيير باستمرار، فإنه ينبغي أن تتعامل مع التغير الإنتاجي والتسويقي بشكل غير عشوائي.
وإذا ما لم تعد المشروعات الصغيرة نفسها للتغيرات المتوقعة والتي تستطيع السيطرة عليها، فإنها قد ترتبك أمام التغيرات غير المتوقعة والخارجة عن نطاق قدراتها المالية والفنية، وإن لم تتراجع كلية كما حدث لبعض المشروعات الصغيرة العالمية التي لم يقرأ مستثمروها المستقبل هناك جيداً. فمن المستحسن للمشروعات الصغيرة المحلية أن تكون جاهزة للمفاجآت وتقلبات الأسواق العالمية، وأن تمتلك القدرة على التكيف السريع الفعال لتلك التغيرات التي تحدث بألوان عديدة. ولها أن تحافظ على مكانتها التنافسية بقبول الجديد، واقتحام مجالات جديدة باستمرار تستطيع بها أن تقضي على كل المعوقات التي تعيقها وتمنعها من الارتقاء بمستويات منافستها نوعا وكما. كما يفترض من المستثمر المبتدئ أن لا يكتفي مطلقاً بالتكيف مع المستورد، بل عليه أن يأخذ بزمام المبادرة والتقدم والإبداع بالاستفادة من خبراته وتجاربه ومن الآخرين لأن فهم الواقع الاقتصادي يؤدي إلى تطوير وتسويق منتجاته بمعدلات نمو مرضية.
نعرف أن رجال الأعمال المبتدئين دخلوا عالم الأعمال مستعدين لذلك بقواهم النفسية وطموحاتهم الشخصية، ولكن في الحقيقة كان معظمهم غير مستعدين إدارياً لمواجهة مخاطر مشروعاتهم الصغيرة. وفي معظم الأحوال يصبح أغلبتهم وبمحض الصدفة رجال أعمال غير مدربين أو ذوي خبرة مندفعين بدافع الحاجة إلى المال، أو لسبب يتفق مع ميولهم في عدم الرغبة في مواصلة العمل لدى الآخرين وهكذا. ويفتقر معظم مبتدئي المشروعات الصغيرة إلى عدم التخطيط الجيد للمشروع وإلى عدم الاستعانة الكافية بمستشارين متخصصين يقدمون لهم دراسة وافية عن المشروع نفسه.
يقول المثل العام «لا كل من لبس العمامة زانها، ولا كل من ركب الحصان خيال». وبالمثل ليس كل صاحب مشروع صغير رجل أعمال وليس كل مشروع صغير ناجحاً بمعنى أن من أراد المخاطرة والمغامرة بدخول عالم الأعمال والمال فلا بد أن يكون ملماً بحجم المغامرة نفسها. ولكل مشروع خطة واستراتيجية وأدوات ودراسة جدوى لا بد من استيفاء جميع بنودها وشروطها ومن ثم تبدأ عمليات التنفيذ التي يفترض فيها أن تتكيف مع المتغيرات المستقبلية.
|