إن اهتمام الدولة بتفعيل نتائج البحوث والدراسات العلمية ناتج عن تحفيزها لدراسة الظواهر الاجتماعية المختلفة الناجمة عن حركة التطور التي يمضي فيها مجتمعنا. وذلك نظراً لاعتبارها نتيجة مباشرة مترتبة على عملية التحديث والتنمية التي تشهدها المملكة في المرحلة الراهنة.ونعني من هذه الظواهر الاجتماعية تلك التي تخلف آثاراً سلبية تستدعي البحث العلمي الجاد الذي يعتمد على النظرة الموضوعية والمعالجة الواقعية.
فاستخدام العنف يعتبر حالة من حالات السلوك الاجتماعي اللاسوي يمقته الجميع وينأى عنه الكل لما يسببه من ردود فعل غير محسوبة وقد ينجم عنها مالا يحمد عقباه.
وعلى الرغم من الاختلاف في تعريف العنف إذ يوجد تباين في ثقافة من يقوم بهذا السلوك وفي دواعي هذا السلوك وفي اتجاهات القائم بهذا السلوك وفي ادراكه العام ومعاييره الأخلاقية.
المهم ان سلوك العنف يرتبط بعوامل بيئية مهيئة لارتكاب هذا السلوك أهمها اللاتوازن في علاقات التواصل وعوامل ذاتية تعتريها دوافع شعورية ولا شعورية، واضطرابات انفعالية، وتحلل في القيم الأخلاقية، وانحلال معايير وأنماط السلوك السائد في البيئة المحلية.
من هذا المنطلق يضع الاجتماعيون تعريفا سسيولوجيا للعنف مؤداه ان العنف هو استخدام الشدة والقسوة في محيط بني الانسان، وهذا يوضح ان سلوك العنف هو ذلك السلوك الصادر من قبل انسان موجها ضد انسان آخر سواء كان ذكراً أو أنثى، صبيا كان أو طفلا فهو سلوك انفعالي صادر من شخص ما موجها صوب شخص آخر.
هذا التعريف السسيولوجي يوضح انه عملية اجتماعية ذات أثر فاعل في حجم وشدة التفاعل الاجتماعي.وكافة أجهزة التربية والضبط الاجتماعي تولي هذا السلوك غير المرغوب فيه أهمية خاصة حتى لا يستشري في جماعات وفئات مختلفة في المجتمع، وحتى لا يتحول الى صراع محتدم بين الجميع.
وبناء على ذلك فقد تم تدريب الاخصائيين الاجتماعيين أصحاب الاختصاص من العاملين في قطاع الرعاية الاجتماعية ليتزودوا بالمهارات والقدرات التي تتيح لهم امكانات التوجه نحو الوقاية من التردي في سلوك العنف، ونحو علاج من تردى فيه فعلا.
ولما كانت الوقاية خيراً من العلاج فقد تم تطوير أساليب الوقاية بحيث تشمل برامج الاصلاح، وخطط التقويم، وأساليب التقويم المناسبة لكل فئة من الفئات وأثر أساليب التربية النظامية واللانظمية، المدرسية واللامدرسية، الرسمية واللارسمية، والعمل على اعادة التكيف الاجتماعي المفقود لدى هؤلاء الذين يسلكون سلوكا يتعارض مع قيم الضمير الاجتماعي والأخلاقي.
وهذه الخطط والبرامج التي تضطلع بها وكالة الشؤون الاجتماعية واضحة في اعتبارها ما يتطلع اليه المواطن السعودي في انطلاقته نحو التقدم والرقي، البحث عن أمنه وأمانه واستقراره وسلامته في مجتمعه، والمحيط الاجتماعي الذي يتفاعل معه ويعيش فيه ويسعى من خلاله الى بلوغ الرقي الحضاري، والعمل على استمراره والنأي به عن الأثار السلبية التي تعتريه من خلال قواعد ومبادئ الضبط الاجتماعي، ومقومات الحياة الآمنة المستقرة وسبيله الى ذلك العمل على توظيف قدراته الممكنة والايجاب في تفعيلها.وحريٌ بنا القول ان اكتساب القدرة التفاعلية وكفايتها يتحقق تقدم المجتمع وتطويره استناداً الى ايجابية التفاعل المشار اليه.وفي هذا الصدد وكالة الشؤون الاجتماعية تدرس النظر في انشاء ادارة عامة للحماية الاجتماعية وتضطلع من خلال ما توصلت اليه اللجنة التي شكلت بقصد حماية كل من الطفل والمرأة من أي أذى يقع عليهما سواء كان جسديا، أو نفسيا أو جنسيا أو أي شكل آخر من أشكال العنف تحول دون الحاجات الأساسية للطفل، ومن الطبيعي ألا يثنينا هذا عن الاعتراف بوجود صعوبات تدعو للعمل على الحد منها بترشيد وتوجيه مرتكبها وتعريفه بمغبتها وما ينتج عنها من اضطرابات في السلوك، وصعوبات في الحياة، ومقومات الاندماج في نواحي مختلفة.
وإزاء ذلك يتوجب ان تقوم ادارة الحماية بوضع برنامج متعدد الأغراض حيث ان تشابك الظواهر والتنظيم الاجتماعي مما يدعو الى الحرص على تكامل البرنامج حتى يمكن احداث التوازن الناجم عن مقابلة الحاجات الانسانية المتعددة والمتشابكة بما يلزمها.والرأي لدينا ان من ضمن مهام ادارة الحماية الاهتمام المتزايد ببرامج البحوث والدراسات وتحليل نتائجها واستخراج التوصيات المناسبة، ووضع خطط تنفيذها على المستوى القريب «تكتيكي» والبعيد «استراتيجي». والتدريب على التنفيذ الاجرائي حتى تصل الى المستوى الذي يحقق الغرض منها.
كما نرى أيضا ترافق ادارة الحماية مع ادارة الارشاد والتوعية الاجتماعية، ومن المهام المعتمدة لهذه الادارة العمل على اجراء التنسيق مع الأجهزة الأخرى ذات الاختصاص لنشر المعلومات الخاصة بتدعيم القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تنهى عن ارتكاب العنف.ويتوجب التوجه نحو الركائز الأساسية في التصريح بتشييد صرح أمن المواطن السعودي.وفي المجال الوقائي البنائي الذي يحول دون التردي في سلوكيات العنف الذي يمس حياة الناس وفقدهم الشعور بالأمن الاجتماعي، دعم الاستقرار والوعي المدرك للظواهر الاجتماعية وما يرافقه من سلوكيات تحتاج للتقويم في ضوء النسيج المجتمعي والمتغير الثقافي والعمل على ما هو ممكن في دعم شبكة علاقات الوفاق على أساس دعم شبكة علاقات الوفاق على المستوى الفردي «أفراد المجتمع»، والجمعى ويشتمل المجتمع ككل بأنساقه ومنظماته ومؤسساته.
|