أكتب إليكم من القاهرة وقد هزني حادث الارهاب الأخير في أم القرى، وإني إذ أعزي الى الأمة شهداء الواجب الذين جادوا بأنفسهم حماية للوطن العزيز من فعل شياطين الإنس، لأهيب بكل من ينعم بالحياة على أرض المملكة العربية السعودية أن يسهم مساهمة - فعالة - في الكشف عن بؤر هؤلاء الضالين وتحركاتهم، مستظهراً قول الحق تبارك وتعالى {وّاتَّقٍوا فٌتًنّةْ لاَّ تٍصٌيبّنَّ الّذٌينّ ظّلّمٍوا مٌنكٍمً خّاصَّةْ }، فأفعال هؤلاء - مع السكوت أو الغفلة - لا تضر بهم وحدهم، وإنما هي تأتي خصما من حسابات الأمة ومقدراتها، وليس أقلها خيرة الأبناء الذين يروحون ضحية هذه الأفعال، ولا زعزعة الأمن المشهود في المملكة منذ نيف ومائة عام.
كما أنبه الى ان حديث «السفينة» الشهير عن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ينص صراحة على الأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء الذين يحاولون خرق السفينة.. سفينة الأمة، فالأخذ على أيديهم هو السبيل - الوحيد - لنجاة السفينة ومن عليها بما فيهم أولئك العابثون، وهؤلاء الذين يتولون كبائر الإثم من قتل الأبرياء وتخريب البناء لا يهبطون على أرضنا من كوكب آخر على مركبة فضاء، وإنما يخرجون من بين ظهرانينا: من بيوتنا، ومدارسنا، وشوارعنا، ومساجدنا، والدولة - مهما تقوت أجهزة الأمن فيها - لا يمكن أن تخترق حياة الناس كلهم لتكشف مواقع هؤلاء الخفافيش الذين يتخفون في مشالح الغفلة وستائر الإهمال الجاهل واللامبالاة.
فياكل مواطن.. وياكل مقيم.. يا كل من يحيا على هذه الأرض الطيبة، الدين والأمانة وصالح المواطنة تقتضي منا جميعاً أن نقف في وجه هؤلاء، الأب في بيته - من منطلق القوامة - عليه أن يلاحظ أحوال أبنائه خاصة في سن التغرير والتلويث، والمعلم في المدرسة والجامعة عليه ان يرصد التحولات التي قد تحدث من حوله بين أبنائه الطلبة وأن يقومها، والإمام في المسجد عليه أن يبين للناس صراحة وبالأدلة صحيح الدين وجرم أفعال هؤلاء الخارجين، والانسان العادي في أي موقع، إذا ما تناهى الى بصره أو سمعه تدبير من هذا اللون عليه ان يتخذ موقفاً ايجابياً لمنعه أو كشفه إذا ما تعذر عليه المنع.
وهكذا تنجو السفينة.. ويظل الوطن بخير ما تكاتفنا جميعاً لحفظه من أيدي العابثين، فنجاة السفينة مسؤولية الجميع.
|