يتملّكني إحساس بأني مقصِّر هذه السنة. لم أكمل دورة المواضيع السنوية، فقد أعتدت أن أبدأ موسم العمل بالكتابة عن الجن وأنهيه بالكتابة عن الهلال والنصر. لم أكتب عن الجن ولم أكتب عن الهلال والنصر رغم أن الموسم يلفظ أنفاسه كما يقول معلِّقو الكورة. وأنا ما أحب أن أتناول المواضيع الهامة والخطيرة في الإجازة. فالقراء اللي عليهم الكلام على وشك السفر إلى باريس ولندن وماربيا وفي تلك البلدان مع الأسف ما فيه لا جن ولا هلال ولا نصر.
لا يمكن تبرير الأمر بزحمة المواضيع، فموضوعا الهلال والنصر والجن يفترض أن يأخذا الأولوية. صعب الشرح: في كل مرة أجلس على الطاولة لكتابة موضوع عن الجن أجد نفسي منحرفا للكتابة عن موضوع آخر. كأن هناك أيدٍ خفية تتدخل لمنعي. من خبرتي يمكن أن أدَّعي أن الكتابة عن الجن تتطلب طقوسا معينة. ووقتا يختلف عن كل الأوقات. صفرة المغرب أنسب وقت للكتابة عن الجن، ففي هذا الوقت تظهر علل النهار وإرهاق الذاكرة، شرط أن يكون البيت خاوياً يراوح بين العتمة والسفور، ولتتجلى الأشياء في صورة أشباح تتحرك تاركة أماكنها ومعانيها إلى أماكن ومعانٍ أخرى. الأبواب الأعمدة المقاعد تتداخل في خيالك بفعل العقل المرهق المكدود..
عندما يتحدث المرء عن الجن لا يعتمد على ذاكرته أو خياله فقط ولكن هناك تدخلات من أصحاب الشأن.
في الأسابيع الثلاثة الماضية فكرت في كتابة موضوع عن الجن، ليس موضوعا عاما وإنما قصة حدثت لي في مراهقتي. أول وأهم تجربة لي مع الجن. فكرت في الكتابة عن علاقتي بالجنية الشابة الصغيرة شمشوطة التي انشغلت كثيراً بحبي.
بعد أن قلَّبت الأحداث في ذاكرتي اكتشفت أن القصة لم تعد كاملة في ذاكرتي، مضى عليها سنوات طويلة، تفرغت كل صفروات المغرب في الأسابيع الثلاثة الماضية حتى أحرض الجن على الحضور إلى مكتبي ومساعدتي ولكن لم يظهر منهم أحد أبدا. لا أعرف ما هو السبب. الأضواء كثيرة في الرياض وأخشى أنهم رحلوا أو احترقوا، سأبكي كثيرا إذا اختفى عالم الجن نهائياً من حياتنا، فأنا أحب الجن كما أحب الهلال والنصر أو كما يحب شيِّاب الاستراحات مناخر نانسي عجرم. ولكني أعاهدكم أني سأعاود الكرَّة مرة أخرى. وإذا تتطلب الأمر سأنقل مكتبي إلى حلة ابن نصار أو العود حيث تكثر عيادات إخراج وإدخال الجن فربما أصادف جنياً للتو خارجاً عنوة من أنسي أستأنس به وأسأله عن أحوال ربعه وأين ذهبوا وأين يسكنون الآن. أما بالنسبة للهلال والنصر فالأمر طبيعي، فالهلال كعادته لطش له بطولة وهرب بها والنصر كعادته خرج من الموسم بالسمعة الطيًِّبة. أتعهد للقارئ الكريم أنني عندما ألتقى بالجني راع العود سوف أسأله أيضا عن أسباب استمرار أوضاع الفريقين على هذه الحال سنوات طويلة.
فاكس: 4702164
|