Wednesday 18th june,2003 11220العدد الاربعاء 18 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
تيسير الزَّواج
عبدالرحمن صالح العشماوي

من يطّلع على الأعمال الجليلة التي تقوم بها مكاتب تيسير الزواج في بلادنا يسعد بتلك الجهود المباركة التي يبذلها القائمون على هذه المكاتب لدعم بناء أسرةٍ مسلمةٍ، وتكوين بيتٍ زوجي سعيد، سواءٌ أكان ذلك فيما يتعلَّق بالمساعدات التي تبذل للمتزوجين الجدد، أم فيما يقوم به المصلحون الاجتماعيون التابعون لتلك المكاتب من معالجة لمشكلات عائلية، وخلافاتٍ زوجية، تعيد إلى كثير من الأسر والبيوت حياتها الهادئة المستقرَّة، وقد ظهرت لي بعض المشكلات العائلية التي يعاني منها المجتمع من خلال الاطّلاع على الدَّور الإصلاحي الذي تقوم به مكاتب تيسير الزواج، ولجان إصلاح ذات البين، كما برزت لي بعض مظاهر الحياة الاجتماعية في مجتمعاتنا المسلمة التي تحتاج إلى إعادة نظر ومراجعة لما فيها من إخلال باستقرار الأسرة، وتهديدٍ للتفاهم والوئام بين الأزواج، ويمكن أن نقرِّب ذلك من خلال نقاط تلملم أطراف الموضوع:
* تساعد مكاتب تيسير الزواج مجموعةً من المحتاجين وفق ضوابط وشروط يتم على ضوئها البحث عن الوضع الحقيقي للحالة الاجتماعية والاقتصادية للمتقدمين إلى هذه المكاتب، ويتم بذلك قيام حفلاتٍ مختصرة للزواج، تحقِّق المراد الشرعيّ من إعلان الزواج، وتبتعد عن التكاليف المبالغ فيها التي يتورَّط فيها كثير من الناس.
* وتبيَّن من خلال هذه الحفلات المختصرة مدى الخطأ الكبير الذي يرتكبه معظم الناس في مجتمعنا من حيث المبالغة في حفلات الزواج بطريقةٍ تتجاوز الحدَّ المعقول المقبول، وتسهم في عزوف كثير من الشباب عن الزواج بسبب تكاليفه المادية التي لا يقدرون عليها.
* تؤكد مكاتب تيسير الزواج من خلال عملها أن علينا جميعاً مسؤولية إعادة النظر في تكاليف الزواج مهراً، وحفلاتٍ وولائم لأنها ماتزال تشكل عائقاً كبيراً في طريق الراغبين في الزواج من شبابنا الذين يملكون من المال مايسمح بمهر ميسور وتكاليف مختصرة، ولا يسمح لهم بتحقيق ما يريد أجلُهم من المظاهر التي لا داعيّ لها، إلا إذا رأينا أنَّ الرغبة في التظاهر القائم على «عقدة النقص» عند بعض الناس تُعَدُّ من دواعي تكوين الحياة الزوجية، وذلك ما لا يسمح به الوضع المادي لكثير من الشباب.
* كأن مكاتب تيسير الزواج تقول لنا: إذا لم تصبح تكاليف حفلات الزواج أهونَ على الشباب من تكاليف السفر إلى أيِّ بلدٍ يمكن أن يحقِّق له رغبته الغريزية، فإنَّ كثيراً من الشباب سيسلك طُرقاً لا نحبُّ أن نراه من سالكيها، وسيكون المجتمع بكل فئاته حاملاً لإثم هؤلاء الشباب الذين ينفرون من بناء حياة أسرية بسبب تكاليف المظاهر الكاذبة في الزواج.
* تؤكد المشكلات التي تصل إلى هذه المكاتب أنَّ هنالك نقصاً خطيراً في الوعي الشرعي بمطالب الحياة الزوجية عند كثير من الناس، وهنا يبرز سؤال كبير: من المسؤول عن هذا النقص؟. وكيف يمكن علاجه؟.
ويظل السؤال ينتظر إجابة عمليةً من ولاة الأمر والعلماء والمربين.
* تُظْهِرُ المشكلات المطروحة مدى تقصير كثير من الأسر في التربية السليمة الصحيحة لأبنائها وبناتها، كما تُظْهِرُ مَدَى الخطر الذي تشكِّله وسائل الإعلام «المنحرفة» على استقرار الأسرة، والعلاقة بين الأزواج، وهذه مسائل مصيرية مهمة لا يجوز التهاون بها لمالها من أثر كبير في بناء شخصية الإنسان.
* تَبيَّن من خلال واقع حقيقة كثير من المشكلات الاجتماعية والأسرية تقصير المربّين والموجهين، والعلماء، والدُّعاة، وأرباب الأسر في العمل الميدانيّ الذي يلامس الاحتياجات والمشكلات عن قرب، حيث ينشغل هؤلاء بالتنظير، والأحاديث العامة المذاعة أو المتلفزة أو المكتوبة، ويتبارون في الحديث «المجرَّد» عن بعض المشكلات، دون أن تكون لهم خطوات عملية ملموسة من هلال علاقاتهم الأسرية والاجتماعية، أو مواقع أعمالهم، أو تعاونهم مع مكاتب تيسير الزواج أو الجمعيات الخيرية التي تقوم هي - أيضاً بدورٍ ملموس في معالجة بعض المشكلات الاجتماعة.
* تؤكد الأعمال التي تقوم بها المكاتب المذكورة أهميتها واهَّمية دعمها المعنوي والمادي، من قبل العلماء والمربين وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال وغيرهم من أصحاب الوجاهة والمال.
وأخيراً.. فإنَّ الخطوات العملية جديرةٌ بالتقدير والاحترام والدَّعم، حتى نقوم جميعاً بشيء مما يجب علينا تجاه ابنائنا ومجتمعنا وبلادنا وأمتنا.
إشارة


القول سَهْلُ باللسان، وإنما
بالفعل يُمتَحَنٌ الفتى ويُجَرَّبُ

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved