Wednesday 18th june,2003 11220العدد الاربعاء 18 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي في الاقتصاد رأي في الاقتصاد
الدينار الإسلامي والدولار الأمريكي والرجوع إلى الأصل
د. محمد اليماني

يزخر الفكر الاقتصادي الإسلامي بالعديد من الأسس والأفكار المتعلقة بالقضايا الاقتصادية الحيوية، التي يمكن الانطلاق منها لتشييد الهياكل والأطر الاقتصادية في المجتمعات المعاصرة. والتي يمكن أن توفر حلولاً مناسبة لكثير من المشاكل الاقتصادية. ومن القضايا التي استحوذت على قدر كبير من الاهتمام والبحث والدراسة والنقاش النقود وآثارها المختلفة على المتغيرات الاقتصادية الأخرى.
وقد ناقش الفقهاء في هذا الموضوع الشروط اللازم توافرها فيما تعارف الناس على استخدامه نقداً من غير الذهب والفضة حتى يكتسب هذا الشيء صفة النقدية وما يترتب عليها من أحكام. وفي هذا السياق يقول ابن القيم رحمه الله تعالى (إن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات، والثمن هو المعيار الذي يعرف به تقويم الأموال فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض إذ لو كان الثمن النقد يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن نقد نعتبر به المبيع بل الجميع سلع وحاجة الناس إلى ثمن نقد يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة). وابن القيم بحديثه هذا يركز على ضرورة استقرار القوة الشرائية للعملة وأن لا تتخذ سلعة تتم المضاربة على أسعارها الأمر الذي يؤدي إلى تقلبات كبيرة وخاصة في الدول النامية في قيمتها.
ويؤكد ابن القيم على خاصية هامة من خصائص النقود إذا أريد لها الاستقرار وهي أن تكون معياراً لتقييم السلع والخدمات وتحديد أثمانها وليس العكس، وفي هذا مصادمة لما عليه كثير من عملات الدول النامية إذ إنها تقوم بعملات أخرى مثل الدولار، فهي ليست مستقلة بذاتها، وأصبح الدولار مثل الذهب وعملات الدول النامية مثل النقود التي اصطلح على تسميتها في الفقه الإسلامي بالفلوس والتي هي عبارة عن نقود مصنوعة من معادن رخيصة الثمن ليس لها قيمة في ذاتها وتقوم بالذهب أو الفضة.
وقد ذكر الفقهاء أن مثل هذه النقود عرضة للتقلبات وأنها غير مستقرة وربما كسد التعامل بها أو بطل، وناقشوا تبعاً لذلك الأحكام المتعلقة بكل حالة.
ومن التطبيقات المعاصرة لآراء المفكرين المسلمين الدينار الذهبي الإسلامي الذي ستقوم ماليزيا بإصداره، والذي يستهدف تقليص هيمنة الدولار الأمريكي وإعادة استخدام الذهب ليكون هو العملة المستخدمة في المبادلات التجارية الدولية. وقد صدر أول دينار ذهبي إسلامي في عام 1992 بوزن يعادل 25 ،4 جرامات من الذهب عيار 22 وقد تطورت فكرة الدينار في 1997 ليصدر ما يسمى بالدينار الإلكتروني.
وفكرة الدينار الذهبي الإسلامي بعيداً عن الرؤى الفلسفية والجدلية المصاحبة لإنشائه تستحق مزيدا من الدراسة والإهتمام. فوجود عملة تتمتع باستقلالية يعد ضروريا لاستقلال الاقتصاد الوطني عن الهيمنة الاقتصادية الأجنبية، ووجود عملة تتفق الدول الإسلامية وشعوبها على قبولها والتعامل بها شرط ضروري لتحقيق مستوى أفضل من التكامل الاقتصادي بين دول العالم الإسلامي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved