* جدة - خالد الفاضلي:
يدخل صناعة السياحة السعوديون تحدياً جديداً في مواجهة استنزاف السياحة العالمية لخمسة وعشرين مليار ريال تذهب سنوياً إلى جعبة صناع السياحة في دول أوروبية وأمريكية بينما يذهب فتاتها إلى الدول العربية.
يقول السعوديون إنهم يواجهون تحديا مزدوجا داخليا وخارجيا يبدأ من عزوف العائلات عن استكشاف السياحة السعودية وتجريبها وينتهي بقوة الحملات الدعائية لمهرجانات خليجية، مروراً بدخول المدن السعودية حرباً تنافسية غير مقننة بتنفيذها مهرجانات متشابهة في الفعاليات ومتزامنة في التوقيت، في حين لا تزال العائلات الغنية تقضي صيفها الباذخ بين شارعي «أجون رود» في لندن، و«الشانزلزية» في باريس.
من ناحيته، يومئ ل«الجزيرة» غسان السليمان نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة جدة براية الدفاع عن اتهام مهرجان «جدة غير 23» الماضي بالانكسار، ويبرئ تنظيم وإدارة المهرجان من التقصير رغم أنه أكد أن الإحصاءات النهائية لم تكتمل بعد ولم تتضح رؤية الربح والخسارة لكنه قال: «في حالة حدوث انكسار أو تدني فإن السبب يعود لتزامن عدة مهرجانات في مدن قريبة وجدت أن المهرجانات جاذب قوي للسياح».
في ذات السياق، تدخل مدينة مكة المكرمة لأول مرحلة حلبة المهرجانات بتدشين مهرجان جديد يحمل اسم «مكة خير 24» يسبق مهرجان «جدة غير 24» زمنياً بشهر كامل وتنتهج بعض فعالياته خطاً مختلفا كما يحرص رئيس اللجنة المنظمة «محفوظ مرعي بن محفوظ» على تأكيده منذ إطلاقه حملة علاقات عامة إعلامية متميزة كشفت عن صالة تسوق مخصصة للسيدات تضم 40 جناحا يشغلها ويديرها سيدات، فيما يميل أمين عام المهرجان حسين علي الحارثي إلى تأكيد أن «مكة خير 24» جزء من منظومة مهرجانات سعودية تهدف إلى اعتبار 25 مليار ريال تذهب للسياحة الخارجية جزء من مدخرات الوطن يتوجب توطينها.
تبدأ أسراب «السواح المهاجرة» رحلتها الصيفية نحو الغرب مع أوائل شهر يوليو إلى انجلترا ثم ينتقلون إلى باريس في النصف الثاني منه، وعندما تشرق شمس أغسطس ينقسمون بين بروكسل وجنيف لمدة 15 يوما بعدها يصبح صيفهم عربيا إما في لبنان أو مصر في غالبية اختياراتهم. في حين تشهد كراسي مقاهي شارع الشانزلزية على محاولات الفقراء ومحدثي النعمة تقليد أثرياء يرتشفون فنجان قهوة باريسي قيمته 200 ريال مقابل 3 ريالات لأخيه على كورنيش الحمراء بجدة. كما تسرف السائحات الخليجيات في استئجار سيارات فاخرة يقودها سائق أسمر اللون وخادمة إفريقية مع نهم شراء بفواتير عالية لملابس وعطور من رفوف محلات هارودز اللندنية أو كرستن ديور، لانكوم، فرساتشي وقفنيشي.
تذهب 25 مليار ريال خلال 3 أشهر إلى اقتصاديات بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، سويسرا، ثم لبنان ومصر، في حين تقول أمانة غرفة تجارة وصناعة جدة، «على ذمة إحصاءاتها الخاصة غير المسنودة بجهة محايدة» أن مهرجان جدة غير 22 ضخ في شرايين اقتصاديات جدة مليار و800 مليون ريال. كما يسعى صناع السياحة السعوديون إلى زيادة مكتسباتهم المالية والمعنوية من فاتورة استهلاكيات 3 ملايين معتمر يمرون بجدة والمدينة ومكة خلال زمن مهرجانات ثلاثة تقام تتابعاً بتنسيق بين إمارتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.يخلص السائح السعودي أن المهرجانات المحلية والسياحية الداخلية تحشر يدها في محفظته وتنتزع الدراهم مقابل فعاليات وأجواء لا توحي بوجود تميزاً نوعياً عن مهرجانات تقام في دول عربية وخليجية مجاورة، وفي كثير من الاستبيانات الصحفية عن السياحة الداخلية صوت المواطنون لصالح حقيقة أن السياحة الداخلية واجب وطني يجب أن يؤديه المواطن مرة واحدة في العمر ثم لا يعود لها، كما أن النتيجة العامة لمهرجاناتنا المحلية «لم يصيف أحد».
|