تعقيباً على ما ينشر في «الجزيرة» عن اللغة العربية أقول: إنه لمن المضحك المبكي ان ترى أبناء لغتنا العربية الكريمة لغة الضاد يعزفون عن قطف ثمارها اليانعة وتذوق شهد حروفها، جانحين إلى غيرها من اللغات الأخرى كالإنجليزية أو الألمانية.. وما إلى ذلك من اللغات التي بقيت جاثمة أمام شموخ اللغة العربية إلى وقت ليس بالبعيد حتى جاء الاستعمار الغاشم الذي حل بدول المنطقة وجاء ليعصف بها عصف الرياح العاتية بالأشجار ذات السيقان اللينة وليسلبها حضارتها وشموخها القائمتين على القواعد الأصلية للغة شعوبها وقد فكر قادة الاستعمار بالسبل الكفيلة بسلب تراث ومعتقدات العالم العربي فرأوا ان السبيل الأنجع هو بث الشكوك في قلوبهم واقناعهم بأن لغتهم غير قادرة على وصف أحداث القرون القادمة ومن لم يقتنع بذلك الوسواس فهناك سبل أخرى كثيرة كفيلة بثنيه عن قناعاته وهكذا بدأت تتوارى كواكبهم التي كانت تضيء لأقصى الشرق وللغرب حينما كان يعصف بشعوبهما الجهل المطبق وكوابيس الظلام التي تتوالى عليهم زرافات في ذلك الزمن العصيب بالنسبة لهم الذي كشر أنيابه في وجوههم مبتسماً في الوقت نفسه لأبناء لغة أكرمها الله بأن أنزل القرآن الكريم الذي هو دستور كل زمان ومكان بلغتها ذات البيان الساحر، والوصف الفريد التي لم تعجز لحظة عن وصف ما يدور في ملكوت الله سبحانه وتعالى وإنك لتعجب من تهافت أبناء اللغة العربية على مزج لغتهم أثناء حديثهم باللغة العربية بكلمات إنجليزية أو فرنسية أو غيرها وكأن تلك الكلمات الأعجمية لا يوجد لها مرادف باللغة العربية، وإن مما يندى له الجبين هو ان من يفعل ذلك يشار إليه بأنه ذلك الشخص المثقف الذي طعم لغته بكلمات أجنبية.
ومن المخجل أيضاً ان تجد من يحمل المؤهل الثانوي وربما الجامعي وهو لا يستطيع ان يسطر خطاباً لجهة معينة بسبب فقده لقدرة التعبير اللغوي الصحيح عما يدور في أفكاره.
إننا في هذا الوقت بالذات بحاجة ماسة إلى دراسة جادة وصحيحة تكون كفيلة بإيجاد الحلول المناسبة والهادفة إلى بناء المجتمعات العربية بناء لغوياً صحيحاً حتى تعود هذه المجتمعات إلى سابق عهدها وتسير بهم سفينتهم التي تعصف بها الأمواج المتلاطمة من كل جانب وترسي بهم بسلام على بر الأمان بإذن الله تعالى.
ومن وجهة نظري الشخصية أرى ان هذا البناء لابد ان يعتمد على تهيئة النشء وتثقيفهم نحوياً وذلك بتهيئة المدارس حتى تكون اللغة العربية الفصيحة هي أساس التفاهم بين المدرس وتلاميذه وذلك باستخدامها أثناء الشرح والإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الطلاب باللغة العربية فقط، والحد من تداول اللغة العامية بين التلاميذ وحثهم على التحدث باللغة العربية الفصيحة وتبيان مصالح الاعتماد عليها والمساوئ المترتبة على هجرها والابتعاد عنها والركون إلى غيرها. وفي هذا المقام أدعو جميع أعضاء التعليم بشقيه العام والعالي بأن يسلكوا هذا المسلك وان يحتسبوا أجر هذا العمل من الله سبحانه وتعالى، حفظ الله لنا لغتنا من سوء المغرضين وكيد الكائدين ووفق الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
راضي بن فرحان الوهيبي
جامعة الملك سعود فرع القصيم
قسم الأحياء الدقيقة الطبية
|