لم تكن المرأة نبتاً شيطانياً خرج من الأرض، مثلما أنها ليست مخلوقاً فريداً هبط من السماء، إنما هي الشق الآخر لبني آدم، الذي يناظر شق الرجل ويتكامل معه مع احتفاظهما بخصائص التمايز في الخلقة الربانية المتوافقة مع أدوارهما في الحياة عموماً ..
ولأن أحد أدوار المرأة هو «عملها» فإن الحديث هذا يأتي من زاوية أخرى تتعلق بتطلعات المرأة للعمل بأنماط مختلفة، ذلك انه يدور حالياً جدل واسع النطاق في دوائر الغرب الاجتماعية بشأن حقيقة المردود الإيجابي لانخراط المرأة كعاملة في المجال المهني وداخل العجلة الصناعية، مع ربط هذا المردود بكل الآثار العكسية التي أحدثها ذلك الانخراط على واقع الأسرة ومن ثم الاتزان العام للمجتمع.
في المقابل ذلك الجدل الذي يحتدم بين أطراف غربية، خاصة ان العناصر النسوية هي من الأطراف الداعية لرفض استمرار المرأة في الأعمال المهنية والصناعية، لأن المرأة بهذا الانخراط سلخت عن نفسها الأنوثة التي تميزها كإنسان له الاستقلالية بكل أنواعها.
في مقابلة يتردد في عالمنا العربي وعبر إعلامنا الفضائي السريع ذي البث الحي، المطالبة بإفساح المجال لدخول المرأة العربية والمسلمة عجلة الصناعة والانخراط كبقية نساء الشعوب الأخرى في معمعة الأعمال المهنية !!.
تلك المطالبة لا تسفر عن نفسها مباشرة إنما تأتي من خلال الإيهام بحاجة قطاعات عمل نسوية لمعرفة أسرار الأعمال المهنية كالصيانة «مثلاً» لسد حاجات هذه القطاعات دون الرجوع للرجل!!.
أو الدعوة صراحة تحت حجة المساواة مع الرجل، أو التأكيد على تفوقها الذي ثبت بغزوها الفضاء، وأن قدمها قد وصلت ميادين الرجل واستطاعت أن تثبت فيها!!.
على ضوء ما سبق نؤكد بأن إنكار عمل المرأة أو رفضه يعد من قبيل الردود الغبية في وجه تقدم الأمم ونهضتها، ولكن أيضا إطلاق العنان للمرأة للعمل بكل المجالات تحت تأثير كذبة المساواة أو التصديق بأن الأعمال المهنية تحقق للمرأة شيئاً من كيانها المزعوم، أو ذاتها المنشودة، هو الغباء بعينه بل المكابرة في وجه حقائق الواقع، القائلة بأن انخراط المرأة في عجلة الصناعة أو الأعمال المهنية المرهقة ليس إلا طريقاً شاقاً تجلد فيه كرامة المرأة بسوط الامتهان، فتتبدل طبيعتها وتفقد أنوثتها..
فلا تدري أي إنسان يقف أمامك!! فالجانب الفطري في المرأة تشوهت معالمه والممتلكات الأنثوية الغريزية أصبحت مكشوفة وأحياناً ممقوتة !!.
لأن التكامل الفطري بين المرأة والرجل تم اختراقه والتقابل الطبيعي لأدوارهما تم تبديدها في مجمل مناحي الحياة!!.. فما يعمله الرجل أصبحت المرأة تتقنه، وما تمتاز به المرأة غدا وظيفة للرجل.
إن مشكلتنا الرئيسة مع أولئك الذين يدفعون المرأة لكل عمل وأي مجال في الحياة، إنهم لا يفهمون لغة الطبيعة التي نتعامل بها وفق سنن ربانية حكيمة، يعني ان تفوق المرأة في مجال ما لا يعني سلامة النهج والتطبيق،..
فالذي يردد بأن المرأة غزت الفضاء يجب ان لا ينسى بأن كلبة روسية أيضا دارت حول الأرض، مثلما لا ينسى ان المرأة صارت سلعة تباع وتشترى في مواخير المتعة ودور البغاء، بسحب نفس من بقايا سيجارة مورفين أو حشيش كما يحدث الآن في دهاليز موسكو ومعاقل الجريمة الجنسية في بلاد الغرب !!.
أضف إلى ذلك أن أعظم المجالات التنموية والمؤثرات في نهضة الأمم هي «التربية والتعليم والصحة» قد غدت مجالات مفتوحة للمرأة على شتى الأصعدة، وأن القيام بمهامها يعد عملاً جباراً في مقابل عطاء الرجل في المجالات الأخرى وأولها الصناعة.
إننا هنا لا ننكر عمل المرأة أو نرفضه ولكننا نرفض امتهان المرأة ونستنكر شرائع الغرب في المجالات الصناعية والمهنية حتى وإن نادت بها أبواق التغريب لدينا.
تبقى الكلمة الأخيرة أن دخول المرأة معركة «العمل الصناعي» يعني مجازفة خطرة في تهديد الثوابت الاجتماعية مما قد يؤدي إلى اهتزاز المجتمع.. لأن الأمر لم يقتصر على عمل المرأة كواقع التعليم والصحة إنما المسألة بدأت تدخل في تغيير الفطرة الأنثوية بالعبث بالوظائف المتقابلة بين الرجل والمرأة.
|