|
|
عندما يختل توازن أي دائرة في أي منحى من مناحي الحياة فإن قوة تأثر وحداته بالاختلال سوف تظهر قوة تماسكه والعكس صحيح. ولطالما كانت المجتمعات الصحية والحيّة تعتمد على قوة الاجتماع وتهاب هوان الفرقة. وهذا ليس بجديد فقد أمر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بذلك قبل قرون وعقود عندما قال عليه أفضل الصلاة والسلام «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»الحديث هذا على التوجيه انصب على الناس والمجتمع ككل ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك حتى أصغر المجموعات ليشير إلى أهمية التماسك والرعاية والألفة حين قال عليه أفضل الصلاة والسلام «كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته» الحديث. والداعي إلى هذا هو ردم الفرق العاطفي والتكلف النفسي الحاصل لمن يبتلى برعيته من أبنائه أو والديه أو أقاربه ويصبر على ذلك وذوي الفئات الخاصة الذين لا يكاد الإنسان عندما يذكر تعداد أفراد أي أسرة حتى يذكر منها معاق وهذا الأمر إذا ألفه الناس ممن لم يبتلوا فهم لايحسون بمقدار المعاناة التي يحس بها غيرهم «إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فإن هم رضوا فلهم الرضا وإن هم سخطوا فعليهم السخط» أو كما جاء في الحديث. ولكن حتماً لن تتوقف الحياة عند وجود معاق أو مسن في حالة صحية سيئة أو متردية أو مريض بمرض مزمن في سن مبكرة. والحقيقة في كبدها تصاب عندما يوقن الانسان بأن الحياة بدون الكد والمشقة والضنك محال سيرها والواقع بدون مبالغة يكاد يكون قريب الشبه برماد المستحيل المحال تحقيقه أو الوصول إليه فلا الناس وصلت إلى شواطئ المستحيل وتحقق لها العيش الهانئ بدون مكدرات وعندما لمست أطراف المستحيل إذا به رماد. وعلى الرغم من التطور الحاصل في الطب وآفاقه التي لا تكاد تتوقف عن السير قدما نحو تحقيق التقدم الذي قد يهون من الكثير إلا أن الحالات المرضية في بعض الأحيان لا تستجيب لهذا التقدم وكأن هذا الجفاء والمعاندة تسترسل باتجاه رفع قدر الصابرين من المبتلين وأقاربهم ومن يعنيهم أمرهم وبهذا لاتدع مجالا للقنوط أو اليأس الذي قد يدب في نفس الضعيف في وقت تجتمع فيه الاضداد ضد البشر لتلحق ضرراً غير هين في نفسيته وتعاطيه مع الإعاقة والمبتلون بها ممن يهمهم أمره. فكيف هم الأصحاء وحالهم ألا يتبصرون بمن حولهم؟ ومن يدفع الفرق في كلفة النفس المختبئة بعباءة المرض والإعاقة عمن لا يدرك ما هو عليه من نعمة. إن العظمة هي في أن يكون هذا المصاب أو المبتلى عظيماً في تفوقه على نفسه وعلى مصابه بل في تبسمه وتخلقه بما لايدع فكراً بأن له علاقة بمعاق أو مصاب أو مبتلى وإن كان هذا لا يقلل من أجر المصاب وأهله. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |