دنا موعده، وبدأ كل من سمع اسمه يرتجف
ما هي إلا أيام «قلائل ولابد من المواجهة»
إنني أجزم ان أحلام اليقظة تساندها الكوابيس لم تدع للنوم مذاقاً، ولا لراحة البال وصفاء الذهن مكاناً، خاصة وأن الجميع ينتظر قرع أجراسه.
أخشى ألا يكون الارتباك والفوضى قد انستك حتى اسمك!!!
إنه شبح لابد ان تصالحه، وتداهنه حتى تأمن شره.
وعليك ان تعمل جاهداً لإعداد العدة لأي هجوم مباغت، فتحرص أن يكون البيت هادئاً نسبياً، ويكون ملاذ هروبك، ومكان مكوثك واسعا «شرحا» تتوفر فيه الاضاءة والتهوية كعنصرين أساسيين، ويا حبذا لو اغلقت جميع الأبواب، ومنعت زيارة الأصدقاء والأحباب.
ولا تنس ان تتزود من الطعام والشراب وعلى رأسها الشطائر والقهوة والشاي، وأن تصحو باكرا وتنام.
قد تحتاج إلى قراءة أو تذكر شيء ما، فعليك أن تجهز بجانبك علبة أقلام ملونة وكراسات وأوراق.
الكلُّ مهَّد لنفسه حتى لا تُفجأ بدخوله!!!
إنه الامتحان الذي مجرد ذكر اسمه يُشعر البعض بالرهبة.
فالجميع بدأ يجمع شتات وقته المهدر، ويحسب حتى أنفاسه، لقد أصبح الوقت قصيراً لديه بينما كان طويلاً فيما عداه في الأيام.
وأصبحت حكمة: «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك» دارجة على ألسنة كثير ممن بدأوا ينفضون غبار الكتب التي غاصت بها الأدراج.
كما أُعطي المنبه إجازة مفتوحة، فلا داعي للصياح المستمر، لأن من أرعبه شبح الامتحان سيقوم قبل صياح الديك حتماً.
إن أهم نقطة ايجابية في أيام الامتحانات ان يلاحظ حرص الصغار قبل الكبار على الصلوات المكتوبة، وتكتظ بعض المساجد بالطلبة أقصد بالمصلين، الذين يأتون زحفاً، وتستيقظ عقولهم، وينجلي ما أصاب أبصارهم من الغفلة في تلك الأيام.
فمن أجل «الامتحان الدنيوي» تُبذلُ الأموال لمساعدة الأبناء، ويتكاتف البيت بأسره ليجتاز أبناؤه الاختبار بنجاح.
فالأم توقظ ابنتها لتذاكر، وتغفل عن ايقاظها أو سؤالها عن الصلاة!!؟، والأب ينادي ولده كي لا يفوته الوقت لدخول قاعة الامتحان، ولم نره قط يناديه للمسجد!!! «ولا حول ولا قوة إلا بالله».
أخي الطالب.. اختي الطالبة: عندما يرهبك الامتحان، تذكر ان ثمة امتحاناً آخر هو الأجدر بكل هذا الاستعداد والاستنفار عليه تبنى سعادتك الحقيقية، وفوزك الأبدي.
قال ابن القيم الجوزية: «السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل أو انما يكون الجداد «الحصاد» يوم المعاد، فعند الجداد يتبين حلو الثمار من مرَّها» كتاب الفوائد لابن القيم الجوزية.
|