إن الحالة النفسية التي تمر بها الأسرة حين ولادة طفل معاق هي صدمة نفسية كبيرة تعيش على أثرها في دوامة من هول المفاجأة وما يتبعها من الآلام ومعاناة واحباطات وهي حالة من اللاشعور فيها يأس وفيها أمل وقبول بالامر الواقع وفيها رضا بما كتبه الله عليها.. فيها سهر وبكاء ولهث خلف كل عيادة للحصول على بصيص أمل وهذا يسبب صراعاً نفسياً كبيرا في ذات كل من الوالدين أو الأسرة من جهة أو المجتمع من جهة أخرى ومن خلال هذا الواقع ما يلبثان أن يستكينا لهذا العناء ويركنا طفلهما جانبا وبعيدا عن أعين وأنظار المجتمع. وبالتالي تصاب الأسرة بإعاقة نفسية واجتماعية.. نتيجة لوجود هذا المعاق فهي تعاني من الهم والألم لوضعه الحالي وقلق على مصيره ومستقبله. ومن الملاحظ حاليا لواقع المعاقين في بلدنا الحبيب أن هناك اهتماما كبيراً بهذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعا وعلى رأسها القيادات العليا، وخير دليل على ذلك صدور قرار ملكي بتاريخ 23/9/1421هـ بإنشاء (المجلس الأعلى لشؤون المعاقين) وفي 27/4/1423هـ صدر قرار ملكي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد رئيسا للمجلس ونائبا له صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض.. وهي خطى تكتب بماء من الذهب على جبين كل مهتم بهذه الفئة وعلى رأسهم الأمير الشاب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز.. وتعتبر المملكة من الدول المتقدمة في رعاية المعاقين وخاصة في الجانب التعليمي والتربوي ولو أن هناك قصوراً في التأهيل المهني والاجتماعي سواء قبل أو بعد التعليم.
سيدي سمو ولي العهد
إن الأمل يحدو كل أب وأم لديهما طفل معاق ويزدادان شوقا ولهفة لرؤية إنشاء (مراكز تدخل مبكر) وهذا ما نلحظه ونستمع له في المنتديات والمؤتمرات والحوارات من أمهات وآباء المعاقين والمهتمين والمختصين وأمنيتهم بأن تكون هذه المراكز واقعاً مفعلاً في مجتمعنا وهم بأمس الحاجة لها في التخفيف من حالة وحدة الإعاقة والتخفيف من الحالة النفسية للأسرة.
سيدي سمو ولي العهد
إن الأمل يحدو كل اسرة لديها طفل معاق بدعم وإنشاء مراكز التدخل المبكر في عموم مناطق المملكة لما لها من فائدة كبيرة في التوعية الصحية والنفسية والاجتماعية والتأهيلية والتربوية والحد من تفاقم وحدة الإعاقة منذ ولادة الطفل حتى دخوله المدرسة وهذه سوف توفر قدرا كبيرا من الجهد والمال كون الوقاية والرعاية في وقت مبكر لها أثر إيجابي كبير على الطفل المعاق وأسرته.. وحيث إنكم يا سمو الأمير ترأسون المجلس الأعلى لشؤون المعاقين فنتمنى أن نرى هذا الحلم وقد تحقق بتوجيهكم ومتابعتكم حتى نصل بالمعاق إلى مكانة مرموقة كأمر واقع في مجتمعنا وعلى أثره نكون قدمسحنا دمعة أم أعياها السهر بكاء على حالة ابنها أو ابنتها، ورحمة بحالة الأب الذي حفيت قدماه من كثرة البحث عن أمل في العلاج.. وأعتقد ان هناك جهات قد بادرت أو لديها أفكار حول هذا الموضوع ويحدونا أمل ان المجلس ورجاله لن يغفلوا هذا الموضوع المهم وان يجعلوه من اولى اهتماماتهم وهناك جهات يفترض ان يكون لها دور كبير في تنفيذ هذه الفكرة (التدخل المبكر) وعلى رأسها وزارة الصحة والتربية والتعليم والشؤون الاجتماعية وأرى اذا ما أردنا أن ننشئ هذه المراكز إما أن تكون ملحقة بالمستشفيات وإما أن تكون مراكز مستقلة ويطلق عليها مراكز الأمومة والطفولة أو التدخل المبكر، ولكن يجب ان تتوفر فيها الاجهزة الطبية المتطورة والكوادر المؤهلة (طبية، تعليمية، تأهيلية) حتى تترابط تلك التخصصات وتقدم عملاً ناجحاً للطفل وأسرته تراعي فيه الجوانب النفسية والاجتماعية والطبية والتربوية والتأهيلية.
سيدي سمو ولي العهد
المملكة قطعت خطوات كبيرة في خدمة المعاقين بقي منها بضع خطوات ونصل الى ما نصبو اليه وأولها وأهمها هي مراكز التدخل المبكر، فالأمل بالله كبير ثم بسموكم الكريم أن تحققوا هذا الأمل.
وكأني بحال طفل معاق يردد أنشودة الأمل وحال أبويه يرددان خلفه أمانيه.. ويصيغها على لسانه شاعر المعاقين يوسف أبو عواد.
هل شربت المر مثلي
هل توسدت الأنين؟
وتجرعت المآسي
وتقيأت الحنين؟
وأنا صورة طفل
آل ألا يستكين
ولحال هذا الطفل المعاق أقول ان كل من يسمع آهاتك وأناتك ولوعات أسرتك في هذا الوطن الكبير المعمور بالحب سوف يسندونك أولهم المسؤول والمواطن عبدالله بن عبدالعزيز قال الله تعالى: {إنَّا لا نٍضٌيعٍ أّجًرّ مّنً أّحًسّنّ عّمّلاْ}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ابغوني بضعفائكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)
|