لا تَسَلْني كيفَ أَرْوى بعدَنا
بل فَسَلْني بعْد أروى مَنْ أنا
عَذّبةٌ لمَّا سَكَتْنا خَجَلاً
أَطْرقَتْ مثْلَ الخُزامى بَيْننا
ظَامِئٌ والروحُ تَهْذي ألَماً
لَيْتَ حُمَّاها تُجَافي البَدَنَا
أيُّ أرْضٍ بَعْدها لا تُرْتَجَى
والهوى من جَنَّتَيْها قَدْ جَنَى
أَمْتطِي الهُوجَ بها في هُرْمزٍ
سُفُنَاً للبُعْدِ تَتْلُو سُفُنَا
ما افترقنا، أَنْتِ في روحي هُدَىً
أَيْنَ أَمْضي كُنْتِ في عَيْني مُنَى
كَيْف أنساكَ،وهلْ تذكرني
أم تَنَََاسَيْتَ فَتَاكَ المُثْخَنَا
أَجْمعُ الأصدافَ مَنْ قَاع النَّوَى
ثُمّ أبْنيِ في عُرُوقي سَكَنا
قد رآنا النَّوْرسُ الأَبيْضُ في
شَاطئِ الحُبِّ رَسَمْنَا بَعّضْنا
وَتَبَعْنَا ظِلَّكِ العَذّبِ الذي
ليس يَنْسَى كَيْفَ داروا حَوْلنَا
ثَمَّ أَضْفَى بجناحَيْهِ عَلَيْ
نا يَخَافُ النَّاسَ تُفْشِي سِرَّنا
وَبَكَى لمَّا بَنَيْنا من شَذَا
كِ شِرَاعاً مِثْلَماَ فيه بَنَى
قالَ تَبْنُونَ كَأَنَّ الريحَ تا
بَتْ فما هَدَّتْ عَلَيْنا عشّنا
يَا إلهي كَيْفَ أَنْسى بعد ذا
وَطني والطيرُ لم تَنْسَ الضَّنَى
كَوْكَباً لاَحَ كَنَقْشٍ خَالِدٍ
بِيَدٍ مَنْ فَضَّةٍ لاَ تُقْتَنَى
وسُمُوط الدُّرِّحُسْناً تَسْتَبِي
حُ النحوَر البِيضَ بَرْقاً وَسَنَا
رَصَّعَتْ تَحْت الصِّبا في تاجها
بَرْدَ رِيقٍ زان ثَغْراً يُجْتَنَى
جَلَّلَ الأُفْقَ عُقُوداً صَوْبُهُ
فَاسْتَوَى عُودُ الهَوَى ثمَّ انْحَنَى
كَزهوُر الشَّمْس دَارت حَوْلَها
حِيْنَ غَابتْ قَدْ أَحسَّتْ بالفَنَا
أَشْرقي أَرْوى فإنّي ذَابلٌ
زَاغ قَلْبي من غروُبٍ وَعَنَا
وَطني الشامخُ في أَنْوائِهِ
فَلَكٌ هامتْ به هذي الدُّنَا
اهْتَدَتْ في فَرْقَدَيْها وَرَنَتْ
كُلُّ عَيْنٍ في الدّجى حَيْثُ رَنَا
يَا سَجَا الليْلِ فُؤَادي رَاحِلٌ
يَحّضُنُ البَيْتَ وأَرْكانَ مِنَى
هَارِبٌ والمَوْجُ يَبْغي ثَأْرَهُ
في غَرِيبٍ مَاتَ مِنْ كُثْر الوَنَى
قَدْ سَرَى بي لاَعِجُ الشَّوْقِ عَلَى
شَاحِبٍ محْقَوْقِفٍ مِثْلَ القَنَا
بِحُدَاءٍ لتُرَابِي لَمْ يَزَلْ
يَبْعَثُ السَّيْرَ لِفَج مَا دَنَا
وَطني في الأَرْضِ حَيٌّ قَدْ سَمَا
ثَابتاً كالشَّمْسِ إِنْ أَمْرٌ عَنَى
يَسْتَحِثُّ البِرَّ في مِحْرَابِهِ
فَتَدَاعَى ثُمَّ صَلَّى السُّنَنَا
عَابِدٌ لا يَنْتَهي مَنْ وِرْدِهِ
مُؤْمِنٌ يَرْقَى إلى حُسْنِ الثَّنَا
إِيهِ جْلِفَارُ تُرَانِي بَعْدَهُ
لَمْ تَعُدْ تَأْلَفُ رُوحي وَطَنَا