عبدالله بن علي الملفي(*)
تعتبر الترقية في الخدمة المدنية، اذا توفرت شروطها من أهم الحوافز التي تحمل الموظف الحكومي على التفاني في العمل ورفع مستوى أدائه، خاصة وأن الجدارة من بين الأسس الهامة التي تقوم عليها.
هذه المقالة التي كتبها الاستاذ عبدالله بن علي الملفي وكيل وزارة الخدمة المدنية المساعد للتصنيف والتوظيف تتناول بعض النقاط عن وضع الترقية في الخدمة المدنية، وبعض الأسباب التي تحول دون الحصول عليها، وذلك من باب شمولية الموضوع بالرغم من معرفة كثير من الموظفين والمختصين بهذا الأمر، على أن المتتبع للعمليات الإدارية المختلفة يلاحظ ان الترقية تجمع بين مصلحتين في واقت واحد، وأن الاخلال بأي منهما أو انعدام احداهما يجعل الترقية عملية ادارية غير مكتملة، وربما كان لها تأثير سلبي على المدى البعيد.
وتتمثل الأولى في: مصلحة الجهة الحكومية بشغلها لوظائفها بمختلف المستويات التي من المفترض ان تكون قد احدثت بناءً على أسس تصنيفية وتنظيمية دقيقة بكفاءات قادرة على تأدية مختلف الواجبات والمسؤوليات لتحقيق الأهداف المحددة.
أما الثانية فهي: ما يمكن ان تكون وجهاً آخر للعمل، فتتمثل في مصلحة الطرف الآخر «الموظف» وذلك بتحقيق طموحاته في التقدم في السلم الوظيفي، وما يترتب على ذلك من رضا وظيفي نتيجة ما يعرف بتحقيق الذات، أو زيادة دخله، أو ما يرتبط، بالنواحي الاجتماعية، ولكل منها اثر ايجابي على الموظف.
الترقية والأساس الموضوعي
أخذ نظام الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية بالاساس الموضوعي في الترقية، المتمثل في النظر الى الوظيفة العامة، باعتبارها اللبنة الأساسية في الخدمة.
وهذا الاساس الموضوعي الذي تبناه نظام الخدمة المدنية مأخوذ به في كثير من بلدان العالم، يستلزم الأخذ بالمعايير والأسس التالية:
1 الالتزام بمبادىء التصنيف الوظيفي، حيث عن طريقه يتم رسم الحدود بين مختلف الوظائف بناءً على ما بينها من فروق.
2 ان بعض الأنشطة في الجهات الحكومية تحتم النواحي التصنيفية والتنظيمية أن تبدأ أعمالها بمراتب المداخل المحددة في الخدمة المدنية مثل: م6 للشهادة الجامعية النظرية، وللكليات المتوسطة، أو بعض البرامج الإعدادية، وبالتالي تحدث الوظائف لهذه المداخل، ثم لا يتأتى أن يحدث مراتب أعلى بنفس العدد لأسباب تنظيمية، مما يعني قلة فرص الترقية، وإن توفرت فتكون على نطاق ضيق جداً.
2 انقطاع فئات السلسلة التصنيفية للنشاط في بعض الأجهزة الحكومية «مرتبة أو «مرتبتين» إما لكون طلب الإحداث للوظائف قد لا يكون وفق تصور دقيق، أو لكثرة طلبات التحوير، والإلحاح عليها خلال السنة المالية، وبالتالي لا يستطيع الموظف العبور بسهولة من مرتبته التي يشغلها إلى المرتبة الأعلى حتى لو لم يكن له منافس، مثل سلسلة وظائف الميكانيكيين، حيث توجد وظائف بالمراتب (م2 م3)، ثم تنقطع السلسلة وتظهر في المرتبة (م5)، ثم تنقطع مرة أخرى وتظهر في المرتبة (م8)، ثم تنقطع مرة أخرى وتظهر في المرتبة (م10)، مع أن تصنيفها يبدأ من المرتبة (111)، وهذا يعني وجود فجوة بين المراتب، مما يعني استمرار الموظفين في المراتب فترة طويلة دون أن يجدوا فرصة للترقية.
4 ان غالبية الأنشطة في الخدمة المدنية تكون وظائفها في الجهات الحكومية آخذة شكل الهرم المثالي للوظائف التنفيذية في شؤون الموظفين، مثل الباحثين والإخصائيين، وتكون على النحو التالي:
مما يعني أنه لن يترقى إلاّ اعداد قليلة جداً تنتظر فرصة قد تطول.
5 بعض الموظفين يشغلون مراتب محددة بمستويات لا يمكن وجود أعلى منها، وهي تلك الوظائف الموجودة في فروع الأجهزة خارج المدن الرئيسية، وبالتالي فإن فرص الترقية أمام شاغليها تكاد تنعدم، لأنه يصعب إحداث وظائف لهم بمستوى أعلى لاعتبارات تصنيفية أو تنظيمية، أو هما معاً، حسب تعليمات الميزانية العامة للدولة، ومما يزيد من تأخر ترقيتهم عدم رغبة بعضهم الخروج من منطقته إلى أخرى، وذلك لما يحيط من وجهة نظرهم بالترقية خارج المنطقة من نواحٍ واعتبارات مختلفة مثل النواحي الأسرية والصداقات والعلاقات الرسمية وغير الرسمية والمدارس وهي نواحٍ موضوعية مثل وظيفة محاسب (م7) في أحد فروع الأجهزة الحكومية، ووظيفة المشرف على الشؤون المالية بالمرتبة الثامنة، والمشرف على الفرع بالمرتبة التاسعة، مما يعني صعوبة إيجاد وظائف للترقية، للتداخل التنظيمي بين هذه المستويات.
6 قد يوجد في بعض الأجهزة الحكومية نشاط مساعد للنشاط الأساسي للجهة، مما يعني أن تكون المراتب التي تعكس وظائفه محددة «نوعاً ومستوى وعدداً» ولا يمكن تجاوزها، وبالتالي تكون فرص الترقية لشاغلي وظائف هذا النشاط محدودة جداً.
* إذاً ما هو الحل؟
بعد هذه النقاط، سيبقى سؤال مهم حتماً، كأن القارىء يتطلع إلى طرحه ومعرفة الإجابة عليه، ويتمثل: فيما هو الحل إذاً؟
ولكن ليعذرني القارئ الكريم في أي موقع من مواقع الخدمة المدنية أو خارجها أن أقول: إن الإجابة على هذا السؤال متروكة لمشاركته من خلال مجلة «الخدمة المدنية» أو الصحف المحلية مؤكداً رغبة الوزارة الأكيدة دائماً في سماع وجهات النظر، اتسع مجالها أو ضاق، فكل ما يرد هو جزء من الصورة الحسنة التي تتطلع إليها الوزارة بكافة مسؤوليها مع بقية الأجهزة الحكومية أن تكون عليها الخدمة المدنية نظاماً وتنظيماً وأداءً وعطاءً. وفق الله الجميع لما فيه الخير.
(*) وكيل وزارة الخدمة المدنية المساعد للتصنيف والتوظيف
|