Tuesday 17th june,2003 11219العدد الثلاثاء 17 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد أن هدأت العاصفة بعد أن هدأت العاصفة
د. مفرج بن سعد الحقباني

تعرضت عاصمة المملكة العربية السعودية خلال الفترة الماضية إلى عاصفة خطيرة تشابكت معها الرؤى والأفكار واختلطت بسببها الأسباب والمسببات وأصبح المعلوم مجهولاً والمجهول معلوماً. تعرضت رياضنا الحبيبة إلى سلسلة من الأحداث الغريبة التي لم تكن مألوفة للشارع والمجتمع السعودي وذهب ضحيتها عدد من الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل بمجمل الأحداث على الساحة الفكرية والسياسية المحلية والعالمية. وأياً كان المنفذ ومهما كان الضحية فإن جسامة الحدث تحتم على صاحب القرار في هذه البلاد سرعة دراسة الحدث وفق منهج علمي سليم بعيداً عن المؤثرات العاطفية والدولية وبعيداً عن اتجاهات التحقيقات الأمنية التي تهدف إلى ملاحقة المنفذين وفرض حالة من الضبط الأمني لمنع تكرار حدوث مثل هذه الأحداث الجسام في المستقبل، إن وقاية المجتمع من هذه الأحداث في المستقبل لا يمكن أن يتحقق بمجرد صدور قرار سياسي أو وجود أمني مكثف، فلا بد من معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت بأبنائنا إلى الوصول إلى هذه الحالة غير المقبولة للعقل والشرع. وهنا نشير إلى أن التحقيقات الصحفية والآراء الإعلامية وإن تعددت في الشكل والمضمون لا يمكن أن تكون السبيل الأفضل للكشف عن مكونات الظاهرة ودوافعها الحقيقية مما يحتم علينا الانصراف الكامل للدراسات العلمية المتخصصة التي تتناول موضوع الدراسة بشفافية وعقلانية بعيداً عن المؤثرات الخارجية التي قد تحول دون الوصول إلى النتائج السليمة، فمن خلال هذا النوع من الدراسات نستطيع الإجابة على العديد من التساؤلات المهمة التي لا تزال بلا إجابة منطقية ونستطيع التعرف على واقعنا بمنظار علمي متجرد.
فمن خلال هذه الدراسات نستطيع أن نجيب على العديد من الأسئلة المهمة التي يأتي في مقدمتها التعرف على دور البطالة التي يتعرض لها الشباب السعودي في تشكيل سلوكيات أبنائنا وبناتنا ودفعهم قسراً إلى الجريمة بأشكالها المختلفة، والتعرف على مستوى الانتماء الوطني لدى الأبناء والبنات وعلاقته بالقدرة على اكتساب لقمة العيش الكريمة التي تجعل من حياة الإنسان ذات قيمة محسوسة، والتعرف على مدى تأثير قياداتنا الدينية على مستوى قناعات الشارع السعودي والآليات الأمثل لدعم مثل هذا التأثير، نريد أن نحدد مستوى العدالة الاجتماعية والاقتصادية والإدارية في المجتمع السعودي ومدى صحة الفرضية التي ترى الارتباط الوثيق بين اختلال هذا المستوى والجريمة، نريد أن نتعرف على مصادر الانحراف الفكري والآليات التي يمكن من خلالها تجفيف هذه المصادر، نريد بعد أن هدأت العاصفة أن نكون أكثر شجاعة وشفافية في التعامل مع الأحداث وأن نسارع في تحديد مسؤولياتنا كمجتمع تجاه شبابنا الذين نجمع على أنهم قد وقعوا فريسة لمجموعة من المؤثرات الداخلية والخارجية التي دفعتهم إلى الخروج عن الجادة السليمة والطريق القويم.
لا بد ونحن نقلب الصفحات أن نعي بأن التعالي عن التعامل مع المسببات الصغيرة قد تؤدي إلى أحداث جسام قد تصيب العامود الفقري للمجتمع السعودي فهل نكون بعد هذا الحدث أكثر واقعية ومنطقية في التعامل مع قضايانا المختلفة.. نتمنى ذلك حتى لا تثور عاصفة أخرى..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved