ضحايا الحروب.. ووقودها ليسوا المحاربين.. ولا الجنود المقاتلين في ساحة الحرب الذين - وان كانت أعدادهم تفوق الضحايا الآخرين إلا انهم ليسوا وحدهم الذين يتضررون في أي حرب تدور سواء على الأرض العربية، أو في أي منطقة في العالم.
قائمة الضحايا تضم أصنافاً وأعداداً كثيرين وإن كان الأكثر تضرراً هم الأطفال والشيوخ.. والشباب.. والنساء.. وعلى قمة هذا الهرم تتربع الأمهات اللاتي تصبح مأساتهن في الحروب مآسي مركبة، فالمرأة الأم تعاني في الحرب من فقدان ابنها.. أو فقدان زوجها.. أو فقدان والدها.. أو والدتها أو حتى كل هؤلاء جميعاً.. إلا ان فقدان ابن وخاصة إذا كان شاباً.. تفقده فجأة.. تصبح المأساة أكثر إيلاماً.. وهي حالة لا تعرفها إلا الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن في الحروب وما أكثرها في عالمنا العربي.. وإن برزت بصورة واضحة وجلية في عمليات القتل والاغتيال اليومي والأعمال القتالية التي تدور يومياً في فلسطين.. والآن في العراق.. وقبل ذلك مآسي أمهات الأسرى الكويتيين الذين لا يعرف أحد عنهم حتى الآن.. بالرغم من تخوف الكثيرين من تصفيتهم على أيدي جلادي النظام العراقي السابق.
الأم العربية في فلسطين.. وفي الكويت.. وفي العراق.. والجزائر.. والأمهات المكلومات في بقاع العالم المختلفة اهتمت بهن اللجنة الدولية للصليب والهلال الأحمر وأعدت دراسة معمقة عن معاناة النساء في الحرب وأثر النزاعات المسلحة على النساء، وقد احتفل في عمان بالأردن عام 2002م بإطلاق النسخة العربية من الدراسة، ويوم الأحد الماضي احتفل في بيروت بتقديم هذه النسخة العربية من خلال تجمع نسائي عربي كبير متميز لتعميم الدراسة ونشر نتائجها لأكبر شريحة من النسوة العرب، إذ ترتكز الدراسة على بحث معمق حول أثر النزاعات المسلحة على النساء مدنيات كن أم مقاتلات، كما أبرزت الدراسة العديد من المشكلات التي تواجهها النساء في زمن الحرب، وترتكز على مسائل مثل الأمان الشخصي والحصول على الرعاية الصحية خاصة في مجالات الإعداد النفسي والتأهيل الأسري والتكيف مع الواقع الذي يفرضه فقدان ابن أو والد قد يكون أحدهما العائل الوحيد لتلك المرأة.
وتحدثت الدراسة عن المعاناة التي تعاني منها النساء عند حالات النزوح والاحتجاز والتعذيب التي تعرضن لها.
وهدفت الدراسة الى تعريف النساء العربيات بحاجات وحقوق النساء، والتوصل الى فهم أعمق للحماية الممنوحة لهن بموجب القانون الدولي الإنساني ومعالجة جوانب حساسة مثل مشكلة الأقارب المفقودين من منطق إنساني بحت، وبالذات فقد الأبناء.
وكم كنت أتمنى لو قامت احدى المطبوعات من صحف أو مجلات متخصصة بنشر هذه الدراسة على الأقل من باب رد الجميل لأمهاتنا.. وتقديراً لاخواتنا.
|