حاولت إسرائيل اغتيال القائد الفلسطيني الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي 3 مرات خلال 24 ساعة واخفقت فيها كلها حتى المرة الثالثة التي رشّ فيها احد عملائها سيارة الرنتيسي بمادة فسفورية أعطت اشارات لطائرة الاباتشي الاسرائيلية فانطلقت صواريخها نحو الرنتيسي فأصابته دون أن تؤدي لاستشهاده لكن عدداً من الفلسطينيين - منهم طفلة - كتب لهم الله الشهادة.الشيء الذي تأكد من هذه الغارة من أقوى جيش في المنطقة هو أن شارون هو شارون قبل مؤتمر العقبة وبعده، وقبل خارطة الطريق وبعدها، وأن جزار صابرا وشاتيلا ومخيم جنين هو نفسه لم يتغير، لا يعرف إلا الارهاب عبر كل الوسائل، أما الشي الآخر الذي كان جديداً هو انزعاج الرئيس جورج دبليو بوش من العملية، وهو استنكار غير معهود فقد اعتاد العرب أن يعزي الرئيس الحكومة الإسرائيلية في القتلى بعد كل عملية فدائية فلسطينية، أما ان يصدر عنه شيء تجاه الأعمال الوطنية الفلسطينية فهذا شيء غير معهود اللهم إلا دعوةالرئيس ياسر عرفات إلى محاربة العنف قبل أن يصدر شارون أوامره بعدم التعامل مع عرفات، وهو ما طالبت به الإدارة الأمريكية فيما بعد، حتى حوصر عرفات وعدّل الميثاق الوطني الفلسطيني بإيجاد رئيس وزراء تمهيداً لبدء مفاوضات خارطة الطريق.
الرئيس ياسر عرفات رئيس شرعي لم يأت من تعديل الدستور بل جاء من انتخابات فلسطينية عامة مثل ما يحصل في دول أوروبا، ولكن الموقف منه تبدل بعد مذبحة شارون في مخيم جنين، وتطويق كنيسة القيامة شهوراً، وتدمير مقرات وافراد الأمن الفلسطيني، ومن يتابع الأحداث يصل بسهولة ان سبب ما لحق بالرئيس عرفات أنه لم يقم بدور الجندي المنفذ لما تريده اسرائيل بحيث يكون طوع أو امرها إن سرّاً، «كما فعل من رصد سيارة الرنتيسي»، أو جهراً كما تطالب اسرائيل السلطة الفلسطينية بأن تقوم بمطاردة واغتيال رموز الكفاح الوطني الفلسطيني.استنكار الرئيس بوش مؤشر على ان الإدارة الأمريكية بدأت تدرك الوجه الحقيقي لشارون، فهو ارهابي لن يقبل خارطة الطريق، لأنها ستؤدي للسلام على غير ما يريد، فهو عنصري يرى ان الهيود هم شعب الله المختار وما عداهم من كل الشعوب بكل الديانات ليسوا إلا غوييم «خدماً» للشعب المختار، وان معتقده الديني يرى أنه لا يمكن ان توجد في فلسطين إلا دولة يهودية، ولذا قالت وزيرة التعليم العالي الإسرائيلية لبعض البرلمانيين العرب في الكنيست الإسرائيلي، ان اسرائيل دولة يهودية لا مكان فيها لغير الهيود، وان عليهم ان يرحلوا الى سوريا.
لقد اطلق شارون صواريخه ليس على الرنتيسي بل على خارطة الطريق، ويبدو أنه بعد عودته من العقبة أراد ان يثبت لاتباعه ان طبعه لم يتغير، ولكن مهما عمل فإن شعب فلسطين لا ارض له سوى فلسطين أما هو ومن معه فهم شعوب وفدت منذ 55 سنة من أوروبا وأمريكا وروسيا واثيوبيا والمغرب والعراق واليمن وغيرها فمن هم سكان فلسطين الذين لا حياة لهم في غيرها؟!
رائد الكرمي وابو هنود ويحيى عياش والشقاقي وصلاح شحادة وابو علي مصطفى وغيرهم كلهم رموز وطنية فلسطينية اغتالتهم اسرائيل فلم يؤثر ذلك على الكفاح الفلسطيني، ويمكن ان يكون الرنتيسي واحداً منهم، وسيبقى الكفاح الوطني ولن ينتهي كفاحه إلا إذا عادت له أرضه وكرامته ولن يكون ذلك إلا إذا اعترف العالم بأنه شعب مظلوم ولن يستجدي حقه من شارون إلا بأرواح شهدائه.
للتواصل ص.ب 45209
الرياض 11512 الفاكس 4012691
AYEDHB@HOTMAIL.COM
|