أحس بأن قلمي، هذا الأسبوع، عاجز عن التقاط ما يدور في ذهني وإفراغه نَشِيدَ حبٍّ وتقدير.. ممثلا في حبر مسكوب كزخات مطر ربيعي على (روضة خريم)!
ولا عجب.. فقد يُحصَر الشاعر والكاتب بحالة نفسية تفقده قدرته على قول ما يرغب أن يقوله.. إما عيَّا، أو حياءً، أو تقاصراً أمام ما هو أطول منه.. ولا أستبعد أن أكون متصفاً بإحدى هذه الصفات.. أو.. بها.. كلها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ونستحضر في هذا المقام مقولة الشاعر الأموي الكبير همام بن غالب المعروف ب«الفرزدق».. «والله إنها لتمرُّ عليَّ ساعات وساعات لخلع ضرسي أهون عليَّ من قول بيت من الشعر»!
وإذا كان هذا شأن الفرزدق وهو من هو.. فما هو شأن أحد تلامذته الصغار..؟!
مساء الأحد الماضي ليلة الإثنين تَضَاءَلْت نفسي أمام ذلك الكرم النفسي، الُخلقي الرفيع.. المتجسد في ذلك الحشد الكبير من وجوه المجتمع السعودي وعلية القوم.. من أمراء؛ ووزراء، وأدباء، ومثقفين، وإعلاميين... وأسرة آل إدريس، بمن فيهم أولادي وأحفادي.. يتقدم الجميع برعايته وحضوره، رجل الحكمة والإمارة.. ورجل الفكر والثقافة، والإدارة.. سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض، وسمو نائبه الأمير سطام بن عبدالعزيز.
وهي تلبية كريمة لحضور ذلك الاحتفال الكبير الذي أقامته الأسرة الإدريسية تكريماً لأحد أبنائها بمناسبة تجاوزه (نصف قرن) وهو لا زال بكل تواضع واعتراف بالقلة والتقصير يعمل حتى الآن في خدمة العتبه الشعرية، والحركة الأدبية، والثقافية، والإعلامية. بما يعتقده في صالح دينه وأمته ووطنه... منافحةً عنها وتجسيداً لقيمها ومثلها التي يجب الحفاظ عليها والتمسك بها.
***
لقد كان تشريف الأمير سلمان للحفل ثم تتويجه إياه بتلك الكلمة الرائعة البليغة والمؤثرة في حقي، والدعم المعنوي من سموه لجهودي المتواضعة عبر عشرات السنين، كل ذلك بمثابة (الجائزة التقديرية) التي لم تمنحها لي الدولة حتى الآن.. ومنحها لي، تقديراً، سليمان بن عبدالعزيز.
***
تذكرت في هذه المناسبة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أعطِ الأجير أجره قبل أن يجف عرقه»، وهذا الحديث أصل من أصول الإدارة الحكيمة، في مكافأة المجتهد، والمنتج.. إمعاناً في التحفيز على استمرار العطاء.. وهو شق أساسي في مبدأ الثواب والعقاب الذي ينظم دورات الأداء والإنتاج في كل مناحي الحياة.
***
تذكَّرت هذه التوجيه النبوي الكريم خلال لحظات تكريمي.. بل تذكرته منذ أفضل سمو الأمير سلمان بالموافقة على رعاية وتشرف هذا الاحتفال
***
لقد سعدتُ بهذا التقدير والتكريم الذي تلذذ به أبنائي وأحفادي.. ومئات من أفراد أسرتي ذكوراً وإناثاً ومحبيَّ وهم كثرٌ، بحمد الله، عندما كانوا يرون ويسمعون الثناء العاطر الذي أغدقه عليَّ رجل بمهابة، وقامة، ومكانة، سلمان بن عبدالعزيز.. وتأكد لديَّ الفارق في طلاوة وحلاوة وأهمية التكريم.. والمكرَّم حيٌّ يرزق.. فضلاً عما عايشته من كرم زملائي الأدباء والمثقفين والإعلاميين متمثلاً ذلك في الكتابات والمقالات التي دبجتها يراعاتهم نبلاً وكرماً.. من ثناء وتمجيد وتقدير لأخيهم وزميلهم.. مما عايشته خلال الأسابيع الأربعة الماضية.. فمنذ أن نشرت الصحف بعض الإشارات إلى موعد الحفل، والرجل الذي سيرعاه - والتهاني والتبريكات تتقاطر عليَّ، مهاتفة، ومواجهة، وتعززت على شكل أكبر قبيل الحفل وبعده بزخات ثرية من المقالات الوافية الوفية.
***
لقد شعرت بأن ما بذلته وما بذرته - على قلَّته - خلال مسيرتي العلمية والعملية، كان في أرض خصبة معطاءة، وأنه قد أينع، وأن قطافه قد أثمر هذا القبول والتأييد والمحبة والتكريم. فلله الحمد من قبل ومن بعد.
والشكر مزجى وموصول لأمير القلوب وأمير العوائل والأسر.. أمير المواطنين سلمان بن عبدالعزيز.
ثم الشكر لكل الإخوة الأكارم الذين حضروا.. ولأولئك الذين لم تسمح لهم ظروفهم المكانية أو الزمانية.. فأنابوا بالكتابة، أو بالاتصال الهاتفي.
أدام الله في مجتمعنا هذه المحبة والإخاء والوفاء.
|