* عرعر - فهد الديدب:
مع دخول الطلاب الاختبارات النهائية وما يرافقها من شحن واستنفار في كل البيوت الحريصة على تهيئة الجو الصحي والمناسب للطلاب لتأدية الاختبارات بيسر وسهولة سجلت «الجزيرة» اعترافات مثيرة وجريئة لاثنين من مدمني حبوب الكبتاجون المخدرة.. واللذان كانا يعتقدان بفاعلية تلك الحبوب في ليالي الامتحانات على أمل ان تحقق لهم تلك المزاعم المضحكة والمبكية في تقوية الذاكرة واستيعاب المناهج والمقرر في ليلة واحدة.. ومن ثم النجاح الذي ابعد ما يكونون عن تحقيقه. والغريب أنه بالرغم من كل هذه الأضرار الحتمية والأكيدة لهذه الحبوب إلا ان البعض مصر وبشدة على استخدامها ومن ثم معانقة الفشل والرسوب بجدارة فما الذي يجعل شابا في عمر الزهور يقبل على مثل هذه الحبوب المدمرة والمسببة للجنون على المدى البعيد. وما الذي يجعله يهين كرامته ويحطم مستقبله ويرتكب هذا الجرم في حق نفسه وعائلته ومجتمعه.
الاعترافات القادمة ستكشف لقرائنا الاعزاء عقلية هؤلاء المدمنين وكيف وقعوا في مصيدة الادمان.
فتعالوا.. نتابع اعترافات المدمنين.
في البداية تحدث المدمن الأول «س.ع» 27 سنة الذي بادر قائلاً قبل ان تسألني عن كل شيء وقبل ان اسجل اعترافاتي يجب علينا جميعاً ان نقوم بدورنا تجاه هذا المجتمع الخيّر وان نقول وبصوت واحد ان استخدام حبوب الكبتاجون هو بداية النهاية لأي إنسان وان الاعتقاد بفاعليتها في ليالي الامتحان حماقة كبرى وجهل كبير «ثم بدأ في الهدوء تدريجياً مستذكراً بداية ادمانه»، حيث قال: خلال دراستي الثانوية وفي الصف الأول تحديدا كنت اعاني من قسوة والدي وكنت دائم الهروب من المنزل وفي أثناء خلافاتي مع أبي تعرفت على مجموعة من زملائي بالمدرسة على ان استفيد منهم دراسياً لتحقيق النجاح وبالذات ان ارسم لي طريقا ناجحا في مشوار الحياة ومع ظهور اهتمامي بالدراسة استغل أحد الزملاء حرصي وبدأ في توجيه النصائح ومن ضمنها أهمية استعمال «الأبيض» حبوب الكبتاجون في ليلة الامتحان من اجل تحقيق النجاح، وفي البداية كنت انظر الى ما يقول باستهزاء كبير. ومع تقادم أيام الامتحانات وصعوبتها عرض عليه شراء خمس حبات بقيمة 250 ريال وقال جربّها لن تخسر.. قلت على الفور ما دام ان هذه الحبوب مفيدة لماذا لا تنجح انت قال انا لا اريد الدراسة وإنما اتيت طالبا للرزق، حيث اتستر باسم طالب من أجل ترويج ما لدي. اقتنعت وبدأت في التعاطي ووجدت في البداية انني افضل نشاطاً من السابق وما لبثت ان تدهورت حالتي الصحية وفشلت فشلا ذريعا في الاجابة على أية سؤال من اسئلة الامتحان السهلة جداً ورسبت وسط دهشة المعلمين.
وبعد معانقة الرسوب عاهدت نفسي على العودة للدراسة ولكن لم استطع وايقنت ان لحبوب الكبتاجون تأثيراً مؤقتاً سرعان ما يزول ويحدث ارباكا للمخ ويقلب موازين الفكر الى ان يتمادى الشخص وتزيد رغبته في مادة معادلة لتلك المادة من المهدئات لكي ينسى تلك الهموم والمآسي التي يثيرها تناول المنشط.. وبعد ان فشلت حاولت تقليد زميلي ببيع الحبوب داخل المدرسة وبأسعار مرتفعة جدا في أيام الامتحانات واستمررت على هذا الوضع قرابة العام الى ان وقعت في أيدي رجال مكافحة المخدرات لادخل السجن لأول مرة في حياتي واسقط من أعين جميع الناس لان مجمتعنا قلما يغفر الخطأ، ويضيف لقد امضيت مدة السجن «سنتين» وخرجت بعدها مدة اخرى لاتجرع نظرات المجتمع ونبذ الأهل والأقارب ولم أعد ازن لديهم أي شيء كل ذلك دفعني للسفر للخارج لابدأ عملاً آخر عرفته وتعلمته من خلال وجودي «بالسجن» وهناك تعرفت على ما هو اشد فتكاً وخطراً وهو الهروين.. وبدأت في الهبوط التدريجي والانحدار الى الأسفل الى ان عدت من تلك البلاد على اكتاف زملاء العلم.. موبوءاً.. مكروهاً، منبوذاً، عاطلاً، وقد سلمت نفسي لرجال مكافحة المخدرات.. ويختم حديثه بقوله هل من معتبر فكل هذه المعاناة بدأت بحبة كبتاجون كنت اعتقد انها ستساعدني على المذاكرة ولكنها خذلتني وجعلتني اسفل السافلين.
* ويقول المدمن الآخر «ف.ر.ع» 29 سنة. والذي بدأ عليه التأثرالشديد: لا اصدق ما حدث لي فقد تحطمت كل أمالي وتبخرت كل أحلامي بسبب هذه الحبوب المدمرة ويسترسل بقوله: كنت مثل غيري من الطلاب مواظباً على الدراسة ومهتماً جداً بالحضور ولم تسجل علي أي ملاحظات طوال سنوات الدراسة والتي لم اذق فيها طعم الرسوب على الاطلاق وفي السنة النهائية للمرحلة الثانوية بدأت الأفكار تساورني عن تلك الحبوب التي اسمع عنها واشادها مع زملائي في الفصول الدراسية.. وكنت أتساءل هل يمكن ان تفيدني من اجل الوصول للسنة المقبولة لدخول الجامعة.. الى ان حسمت الموضوع وبدأت في التعاطي وكان ذلك في النصف الثاني.. وشعرت أثناء التعاطي بارهاق وتعب كبيرين.. واحسست بأنني مهدد بالرسوب ومع الأسف فقد انخفضت نسبتي المئوية من 91% الى 83% ومع ذلك دخلت الجامعة ولكن بعد فوات الآوان فلم تعد تناسب امثالي، حيث لم اكن استطيع النوم على الاطلاق وكنت اسهر لاكثر من ثلاثة أيام متواصلة.. مما ادى الى طردي من الجامعة وعدت تائباً الى أهلي اجر اذيال الفشل والرسوب وقد حطمت الحبوب كل امالي وطموحاتي ويضيف بقوله: لا اريد الان أكثر من الهدوء والنوم في الليل فقد مللت السهر.. واشعر بدنو اجلي.. ويتساءل: لماذا يعيش امثالي لماذا؟؟ وقد خسروا كل شيء في حياتهم. وفي مدينة الرياض التقينا مع عدد من الطلاب في المرحلة النهائية في الثانوي وسألناهم عن استعداداتهم حيث تحدث معنا جابر، حيث يقول: لقد قمت بشراء ربع شد «ليموني» ويحتوي على 50 حبة وقد اشتريته بخمسمائة ريال جمعتهن من بداية الفصل الدراسي الثاني وسأقوم بتخصيصه للمواد المهمة وكما يضيف ان من يقوم ببيعه يستغلنا في أيام الاختبارات. لأنه يعرف أننا لا بد أن نحصل عليه حتى لو استلفنا من أحد أصدقائنا فأنا في المرحلة النهائية. ويتدخل في الحديث الطالب خالد ويقول: انا ما جربته إلا في الفصل الأول وبصراحة ارتفعت نسبتي الى 96% لأني كنت آكل منه وأضع الكتاب في حضني وبراد الشاي على يميني وطفاية الدخان على يساري وبدأ ما فيه إلا صم للكتب ويكفي انه كل كتاب ما ياخذ في يدي ثلاث ساعات. وعن كم يوم يسهر في أيام الاختبارات قال الطالب حسن أنا استلقي على فراشي لمدة ثلاث ساعات او اربع ساعات فقط حتى لا يشك أهلي في أمري ويضيف عبدالرحمن انا اذا سألوني اقول انا شربت كافي كثيراً عشان ما يشكون فيَّ. ويتفق جميعهم انهم عرفوه عن طريق من سبقهم وتخرجوا.
وعن ما هي الدفة قالوا يعني هي الهدية والحوق هو إذا كنت تتعاطى وبدأ مفعوله ينتهي وذهبت للبائع يعطيك واحدة حتى تستمر حتى ينتهي الاختبار ويقول حسن أنا أول ما ادخل قاعة الامتحان لابد يكون معي نصف حبة حتى استمر في (اشده) - لاني داخل من تحت الشمس ويسمون الشمس «سيدة فكيكة» لأنها تتسبب في ضعف مادة المخدر في الجسم.
ويقول عبدالرحمن أن جابر عندما حصل على الحبتين وهو مواصل اربعة أيام وبعد الاختبار في الليل كنا سنذهب نتمشى في الشوارع، وكان ضوء سيارته الخلفي مكسوراً وعندما نظر الى المرآة وجد النور قد عكس على الارض فأوقف السيارة وهرب شكاً منه ان السيارة قد احترقت واخذ يصيح حريق في السيارة حريق فقمنا بامساكه وتنبيهه انه مجرد النور عاكس على الأرض.
|