* الرياض - واس:
بدأت صباح أمس الاحد اجتماعات المشاركين في اللقاء الوطني للحوار الفكري في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة.
وأوضح معالي رئيس اللقاء الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين ان اللقاء يعقد في وقت تواجه فيه المملكة العربية السعودية تحديات لم تواجه لها مثيلا من قبل وان مجتمعنا يعي مصلحته والخطر الذي يهدده وانه لا عاصم له ولا ملجأ بعد رحمة الله إلا التماسك والتلاحم وسد كل ثغرة يمكن ان يتسلل من خلالها الخطر.
وقال انه من هذا المنطلق تم التخطيط لعقد هذا اللقاء الذي يضم نخبة من العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي يلتقون لتبادل الرأي حول الخطاب الاسلامي الداخلي والخارجي بهدف تكريس تمسك المملكة بعقيدتها الاسلامية وبما يمكن من توثيق صلاتها بالعالم وتوثيق عرى الوحدة الوطنية في اطار الوسطية والاعتدال والبعد عن التشدد والغلو.
وأوضح معاليه ان هذه الفكرة نشأت عندما اجتمع في شهر رمضان المبارك العام الماضي فريق من أهل العلم والرأي والاهتمام بالمصلحة العامة ورأوا ان حرية الرأي والتعبير «وهي ضرورة أولية لصلاح كل مجتمع وتقدمه» لكي تكون مجدية ومنتجة وبناءة لا بد ان يتوافر لها بيئة صالحة ورأوا ان ذلك يتحقق بأن يكون الحوار الملتزم بأدبه وأخلاقياته منهجا واسلوبا للعمل وعادة متبعة لدى أعضاء المجتمع السعودي على جميع مستوياته وشرائحه وحول كل القضايا التي تهمه.
وأشار الى انهم قدموا اقتراحا لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني باجراء تجربة في هذا الأمر اذا نجحت أمكن تكرارها في صور مختلفة وحظي هذا الاقتراح بموافقة سموه وكلف الفريق المشار اليه باقتراح موضوعات معينة للحوار واختيار عدد من الشخصيات من ذوي الاهتمام بالموضوعات المقترحة وان يراعي تمثيلهم لوجهات النظر المختلفة.
وبين ان اللجنة قامت فعلا بما طلب منها واتخذت الاجراءات التنفيذية لذلك ووكل لمكتبة الملك عبدالعزيز بأن تكون مضيفة للقاء وتتولى أمانته.
وقد تضمنت جلسة الافتتاح كلمة تشجيع ومساندة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني هذا نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الأخوة الحضور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نحمد الله تعالى على ما انعم به على هذه البلاد من نعم كثيرة من أعظمها نعمة سيادة عقيدة التوحيد وتطبيق الشريعة السمحة والتسليم بمبادئها وتعاليمها والاعتراف بأنها الحاكم الأعلى ونعمة توحيد البلاد ولم أجزائها بعد ان عانت لازمنة طويلة من الفرقة والجاهلية وفقدان الأمن وشيوع الجهل ونحمده ونثني عليه على ما أفاء به علينا من خيرات لا تعد ولا تحصى بعد ان كان الفقر والعوز سمة ملازمة لاجيال عديدة عاشت على أرض هذه البلاد العزيزة ونحمده حمدا كثيرا على ان هيأ لهذه الأمة من أبنائها من يسعى صادقا مخلصا لخيرها وعزها ووحدتها دون اعتبار لاقليم أو جهة أو انتماء وقد كان هذا ديدن كل سعودي مخلص منذ ان تأسست المملكة على التوحيد والوحدة وقامت على المحبة والاخلاص لله تعالى وللدين القويم ثم الوطن ولمصلحة المسلمين.
أيها الأخوة الأفاضل:
لا يخفى عليكم وقد اجتمعتم في هذا اليوم المبارك لهدف نبيل وغاية شريفة ما يحدق ببلادنا من أخطار وما تمر به من ظروف دقيقة حرجة وما تعانيه من ضغوط وما تواجهه من هجمات شرسة تمس العقيدة وتهدد الوحدة الوطنية وتعرضها للاختراق من قبل الأعداء الأمر الذي يوجب على كل مخلص من ابنائها ان يبذل أقصى الجهد والاجتهاد للتصدي لمحاولات النيل من وحدتها والمساس بأمنها واستقرارها وتهديد مصالحها وان يتنبه كل ذي لب لعوامل التنافر والشقاق وظهور العداوات سواء من العصبيات القبلية أو النعرات الاقليمية أو الاختلافات الفكرية أو أي شكل من أشكال الغلو والتطرف.
أيها الأخوة:
ما من عاقل عارف بالأمور ينكر ان اختلاف الآراء وتنوع الاتجاهات وتعدد المذاهب أمر واقعي في حياتنا وطبيعة من طبائع الناس الذين خلقهم الله بعلمه وحكمته على فوارق في الفهم والادراك والفكر وتعدد في مشارب العلم والمعرفة واختلاف في بيئات النشأة والتربية مما تجب مراعاته وأخذه بالحسبان في الدعوة والنصح والحوار ومن ثم توجيه الاهتمام للتخفيف من حدة الاختلاف بالحكمة والكلمة الطيبة والموعظة الحسنة وبذل الجهد للحد من تحول الاختلاف الى خلاف وشقاق لا تستقيم معه الأمور ولا يصلح الشأن ولا تسلم معه وحدة الامة ووحدة الكلمة من التهديد والخطر.
أيها الأخوة:
لا بد انكم تدركون - بما حباكم الله من نعمة العلم والمعرفة - ما أصبح عليه العالم الآن من حولنا وما حدث فيه من تطورات متسارعة مذهلة على الصعيد العلمي والتقني حيث اهتدى الانسان الى علوم كثيرة اتاحها له الخالق بقدر معلوم وفي زمن معلوم ولعل أبرزها وأشدها أثرا تلك التي حدثت في مجالات الاتصالات والاعلام والتي ساهمت في تحويل العالم بأسره الى قرية واحدة يتبادل الحديث والرأي كل سكانها في وقت واحد بلغة واحدة أو بلغات متعددة مفهومة فتحطمت أمام حقائق العلم كل الأسوار المنيعة واخترقت وسائله خصوصيات كافة المجتمعات على اختلاف عقائدها وثقافاتها وتقاليدها.
وبحكم أننا جزء من هذا العالم الفسيح ومجتمع من مجتمعاته ولا نستطيع العيش في عزلة عنه وان حماية البلاد والمواطنين من الافكار المخالفة والاتجاهات المؤثرة الضارة لم تعد متاحة بوسائل «الحجب والمنع» كما كانت في السابق فقد أصبحت الحاجة ملحة وماسة لأن نفكر سويا في نهج أساليب جديدة وطرق مختلفة لحماية ديننا ومواطنينا بما هو مجد وفعال ولا شك في انكم تتفقون معي في ان أنجع الأساليب واجداها في هذا الاتجاه هو الاقناع ومخاطبة العقل والاستعانة بالمنطق الفكري في اطار منطق سليم وحوار هادئ منظم يرتكز على تبيان الحجة واحترام الرأي الآخر واتاحة الفرص لتبادل الرأي والمناقشة.
من هذا المنطلق فقد نشأت فكرة اقامة هذا الحوار الفكري في لقاء وطني بين أبناء الوطن المهتمين بهمومه المعنيين بشؤونه وشجونه ليتناول عددا من الموضوعات التي تختلف فيها الآراء ويثور حولها الجدل ويكثر فيها النقاش في جو من الحوار العلمي الموضوعي الهادئ بعيدا عن أجواء التنافر ووحشة القلوب واساءة الظن.
وبطبيعة الحال فقد كان لا بد من تحديد هدف أمامكم في هذا اللقاء النواة والبدء بالاولويات الهامة من بين الموضوعات الجديرة بالنقاش والحوار ومن هنا فقد تم تخصيص هذا اللقاء لمناقشة قضية هي من أهم القضايا وأولاها في المرحلة الدقيقة الراهنة من تاريخ بلادنا وأمتنا الاسلامية ألا وهي قضية الخطاب الاسلامي الداخلي والخارجي بأمل الوصول الى ما يكرس تمسك المملكة بعقيدتها الاسلامية ويمكن من توثيق صلاتها بالعالم الاسلامي وتوثيق عرى الوحدة الوطنية في اطار من الوسطية والاعتدال والبعد عن التشدد والغلو وعلى ضوء ما تسفر عنه مناقشاتكم وتناولكم للمحاور الهامة في هذا الحوار الفكري.
أيها الأخوة: لا يخامرني الشك في انكم جميعا تحرصون على انجاح هذا الحوار الهام وأنكم ستساهمون بروح وطنية عالية في تحقيق أهدافه السامية ومقاصده النبيلة واثق في قدرتكم - ان شاء الله - على تخطي كل العقبات وتجاوز كل المعوقات التي يمكن ان تعترض اتفاقكم على كلمة واحدة سواء بل واجماعكم بمشيئة الله على موقف واحد ينطلق من حرصكم على مصالح وطنكم العزيز ووحدة أمتكم الاسلامية.
في الختام فانني أتوجه الى الله جل جلاله بالدعاء والتضرع بأن يوفقكم ويجمع كلمتكم وان يحسن نوايانا جميعا في القول والعمل وان يمدنا بعونه وتوفيقه لتحقيق ما نصبو اليه من مصلحة امتنا وان يحفظ لهذه البلاد دينها ووحدتها وعزها بعز الاسلام وأهله وان يحميها من مكائد الأعداء ويهدينا جميعا سبل الرشاد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجدير بالذكر ان هذا اللقاء يهدف الى تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية روابط الحوار مما يخدم المصلحة الوطنية ويؤسس ثوابت وقواعد يعتمد عليها الحوار والتسامح بين الأفراد وسوف يستمر بمشيئة الله تعالى لمدة اربعة أيام ويتضمن محورين أساسيين:
المحور الأول الوحدة الوطنية وأثر العلماء فيها.
ويشتمل على الموضوعات التالية:
1- تعريف الوحدة الوطنية وأهمية الوحدة والأصول الشرعية التي تبنى عليها والدور الريادي للعلم والعلماء في المملكة العربية السعودية في ضمان الوحدة الوطنية.
2 - الغلو والتشدد والتوسع في سد الذرائع في مقابلة التحلل من الثوابت الشرعية وأثر ذلك على المجتمع.
3- التنوع الفكري بين شرائح المجتمع.
4- حقوق وواجبات المرأة ودورها في المجتمع.
5- حرية التعبير.
6- الفتوى المعاصرة وربطها بالواقع الاجتماعي وأثر ذلك على الوحدة الوطنية وتماسك الداخل «فتوى الأفراد مقابل فتوى المجامع والهيئات العلمية دراسة وتقييم ».
المحور الثاني:
العلاقات والمواثيق الدولية وأثر فهمها على الوحدة الوطنية.
ويشتمل على الموضوعات التالية:
العلاقات الدولية في الاسلام الدعوة في الداخل، الدعوة في الدول الاسلامية وغير الاسلامية.
1 - أهمية المصالح المشتركة في علاقات المملكة العربية السعودية بالدول الأخرى.
2- التعامل مع غير المسلمين في ضوء الكتاب والسنة.
3- الجهاد وأحكامه.
وفي الختام عبر رئيس اللقاء عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز على تشجيعهما ومساندتهما لهذا اللقاء الذي سوف يسهم بمشيئة الله تعالى في تحقيق الهدف المرجو وهو ان يكون انموذجا ونهجا للعمل في مجال الرأي والتعبير في المجتمع السعودي على اختلاف مستوياته.
|