* القاهرة - مكتب الجزيرة عتمان أنور- علي البلهاسي:
لا تجيد اسرائيل السير الا على طريق الهروب والتحلل من الالتزامات والعهود حيث تجد طريقاً آخر بعيداً عن خارطة الطريق وهو طريق العنف والقتل وسفك الدماء فإسرائيل خبيرة في نسف طرق السلام وتفخيخ الآمال الواعدة بالتسوية وما شهدته الأراضي المحتله عقب قمة العقبة يؤكد ذلك والا ما الهدف من عمليات القتل للمدنيين ومحاولة اغتيال عبد العزيز الرنتيسي وهو قائد سياسي وليس عسكري فشارون جاء الى العقبة وهو يضمر في نيته انه لا سلام وأن سبعة صورايخ كفيلة بهدم أي اتفاقات وتحلله عن وعوده لإرضاء اليمين المتطرف وارضاء نزعته العدوانية ثم يقوم بتحميل مسؤلية ذلك على أبي مازن وما جاء شارون الى العقبة لإرضاء بوش.
التداعيات الأخيرة هل قضت على آمال التسوية وهل فجرت معها الخارطة ونسفت الطريق أم ان هناك ضغوطاً أمريكية ستصلح ما أفسده شارون ؟؟
شكوك من البداية
يؤكد السفير طه الفرنواني مدير ادارة فلسطين الأسبق بالقاهرة انه منذ البداية كان هناك شكوك كثيرة تحاصر شارون في قيامه بمحاولات نسف خارطة الطريق والتهرب من تنفيذها ولكن تحت واقع الضغوط الأمريكية اضطر لقبولها ولكن كان السؤال الملح عليه كيف يتهرب من ذلك فكان اسلم الطرق له هو العنف واعادة دائرة العنف ثم اتهام الفلسطينين بعدم القدرة على ضبط النفس وأبومازن بعدم القدرة على السيطرة على الفصائل والمقاومة وبالفعل كان ما حدث فسبعة صواريخ أوقفت الخارطة وبدأ معها مسلسل العنف فنتيجة محاولة اغتيال الرنتيسي كانت محسوبة ومعروفة لدى اسرائيل سلفاً سواء استشهد الرنتيسي أم نجا من المحاولة فهي كانت تستهدف لاشعال الموقف ووضع أبي مازن في موقف عدم القادر على صنع شيء وهو الذي تعهد بنبذ العنف وجمع السلاح من أيدي الفلسطينين أو ترد حركة حماس وهنا يتحلل شارون من التزاماته أمام أمريكا وأمام العالم ويصدر أوامره للجيش الاسرائيلي فاسرائيل هي المتهم الأول في محاولات نسف خارطة الطريق فهي التي تبدأ العنف دائما وهي التي تحيك المخططات لإفشال أي جهود للتسوية ومنذ ان تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية بكل ثقلها في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بعد حرب العراق رأت اسرائيل ضرورة موافقة أمريكا على املاءاتها وضغوطها غير ان الوضع بالداخل كان عكس ذلك فهناك قناعة اسرائيلية وان السلام لا يحقق لهم شيئاً وبما انها دولة قامت على العنف والاغتصاب فليس من السهل ان تعيش بالسلام ومن هنا فمقاومة الاحتلال يعد شرعياً وليس ارهاباً ومعركة التفاوض جزء من المقاومة المسلحة وما حدث ان كاد الجانب الفلسطيني يتقبل هذه الخطوة إلا ان اسرائيل عملت على افشالها ففي اليوم التالي وعقب قمة العقبة اجتاحت الأراضي الفلسطينية وقامت بعمليات اغتيال ولم تكن هناك نوايا حسنة لدى اسرائيل في تنفيذ خارطة الطريق من البداية.
ويرى السفير عبد الله الأسفل مساعد وزير الخارجية المصري ان العمليات الأخيرة التي بدأتها إسرائيل بمحاولة اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي تؤكد ان هدف إسرائيل هو وأد عملية السلام ودفن خريطة الطريق قبل ان ترى النور كما فعلت من قبل مع المبادرات كافة ونسفت جميع العهود والالتزامات ومع كل محاولة جادة سابقة لاحلال السلام في المنطقة واسرائيل تقوم على عدم الالتزام بشيء ولا تفي بما توعد به وتفضل العمليات الاجرامية والقتل وسفك الدماء على السلام والعمليات الأخيرة جاءت في وقت يخوض فيه رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس أبومازن معركة صعبة على الصعيد السياسي والدبلوماسي مع الفصائل والمنظمات الفلطسينية المقاومة لإجراء حوار يهدف الى وقف دائرة العنف وافساح الفرصة للمفاوضات السياسية وتبذل مصر جهودها في هذا السياق وارسلت مبعوثها لإقناع هذه الفصائل ولكن جاءت اسرائيل بأفعالها الصادمة وتفجر خارطة الطريق من أساسها فلا أحد يستطيع ان يقف ضد الغضب الفلسطيني ولن يتم استناف السلام وتنفيذ خارطة الطريق إلا بالالتزام الاسرائيلي فالعنف لا يولد الا العنف وما حدث من عمليات عنف لا يشير الى توجهات لوقف تنفيذ خارطة الطريق فقط ولكن محاولة تدمير ونسف عملية التسوية السياسية بكاملها لأن مستوى العنف الذي دار في الفترة الأخيرة منذ محاولة الاغتيال الفاشلة لقائد حركة حماس عبد العزيز الرنتيسي وحتى الآن في هذه الفترة القليلة كان مستوى العنف مروعاً ويمكنها ان توجد موجات من العنف المتتالى وتسفر هذه الحالة عن اشاعة حالة من الاحباط وتعقيد الجهود وعدم نجاح السيطرة على الموقف مما يؤدي الى انفلات العنف والاغراق في هذه الدائرة وكل التوجهات تشير الى ان اسرائيل بهذه المحاولة للاغتيال الفاشلة كانت تهدف الى نسف خارطة الطريق وعملية السلام كما أنها تشير الى محاولات شارون طمأنة اليمين الاسرائيلي المتطرف الذي يضغط عليه ورفض الخطة وهذه العمليات ستجعل من الصعب على القيادة الفلطسينية اقتناع المنظمات والفصائل بوقف هجماتها ضد اسرائيل واذا كان شارون يطالب أبا مازن بالحزم مع الفصائل الفلسطينية فلماذا لا يستخدم شارون هذا الحزم مع قيادات جيشه الذين يصدرون الأوامر للطائرات المقاتلة وللجنود ان يستبيحوا دم الفلسطينيين غير ان المقلق في هذا الأمر ان هذه التدهور الحاصل في الأراضي المحتلة يؤكد مدى تشابك وتعقد الصراع المزمن بما ان الجانبين عليهما ضرورة افساح المجال للحل السلمي غير ان ما يجري على أرض الواقع بدافع اسرائيلي بحت يؤدي لنسف خارطة الطريق والعودة لدائرة العنف من جديد والمخرج الوحيد من هذه الدائرة هو الانخراط الفعلي في اجراءات السلام وليس الارتكان الى العنف واغتيال القادة الفلسطينيين فهذه العمليات تؤجج حدة الصراع وتتوالى ردود الفعل وتظل دوامه العنف مشتعلة.
أكاذيب شارون
ويقول ضياء رشوان الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية ان شارون كان واضحاً منذ قمة العقبة انه يريد افشال خريطة الطريق وان موافقته المعلنة على الخريطة كانت في حد ذاتها تؤكد ذلك والحقيقة انه لم يوافق على خريطة الطريق كما هي بل وافقت الحكومة الاسرائيلية من الخطة بالتحفظات ال 14 أعلنت قبل ذلك وبالتالي كانت موافقة مشروطة وهو ما يعني ان النية كانت مبيتة من جانب شارون فالتحفظات ال 14 كافية لإفشال خريطة الطريق وهدمها من الأساس.
وأكد رشوان ان مواقف شارون الاخير لم تكن ابداً تجاوباً أو تنازلات من أجل السلام قائلاً انها جاءت في اطار حملة إعلامية قام بها شارون ليظهر كرجل سلام وبدأت هذه الحملة قبل العقبة بتصريحاته حول الاحتلال وانه لا يستطيع حكم الفلطسينيين والموافقة على خطة الطريق وازالة البؤر الاسيتطانية غير القانونية من وجهه نظرة ثم اعلانه مؤخرا انه سيعمل على مواصلة عملية السلام وهذه الحملة الدعائية اتضحت مع محاولة اغتيال عبدالعزيز الرنتيسي التي أكدت عزم شارون على افشال وضرب خريطة الطريق فلا توجد مبررات اسرائيلية لضرب الرئيسي فهو ليس قيادياً عسكرياً ولم يتهم في أي شيء عسكري وشارون كان يعلم ان محاولة اغتياله سواء فشلت أم نجت ستؤدي الى ردود أفعال قوية من حماس لتعود واقامة دوامة العنف وتفشل جهود السلام. وأشار رشوان الى ان المؤشرات تقول بأن شارون نجح فيما يريده فالعنف تصاعد فعلاً ونحن نشهد عمليات عنف من الجانبين تبدو بلا نهاية واسرائيل أعلنت على لسان وزير الأمن الاسرائيلي انها ستستهدف كل أهداف حماس وحماس توعدت بالرد على الاهداف الاسرائيلية نفسها.
وأكد ان أبومازن الآن أصبح في موقف لا يحسد عليه لأنه لو اتخذ الموقف السابق نفسه الذي أعلنه في قمة العقبة دون مراعاة الأحداث الأخيرة والاعتداءات الاسرائيلية فهناك خطر بالفعل على الداخل الفلسطيني يتجه الى مزيد من التدهور أما اذا غير من موافقته التامة على كل ما ورد في خريطة الطريق وعدل من هذه الموافقة في ضوء ما استجد من احداث وبالتوافق مع الاجماع الفلسطيني الذي تمثله منظمات المقاومة ومنها حماس فمن المتوقع ان يتماسك الصف الفلطسيني من جديد في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية.
وقال إن الموقف الآن في يد الولايات المتحدة والرئيس بوش واذا لم تتخذ أمريكا موقفاً حاسماً من سلوك شارون فسيظل مطلق السراح ويستمر في ممارسة العنف ضد الفلسطينيين لإفشال جهود السلام والاجراء المطلوب أمريكياً الآن هو الضغط على اسرائيل لقبول الخريطة دون شروط أو تحفظات وتبدأ فورا في التنفيذ ولا تكتفي بالموافقة المشروطة والتلاعب اللفظي بالخريطة وبنودها.
عودة إلى نقطة الصفر
ويقول الدكتور بهجت قرني أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ان الأحداث الأخيرة أكدت ان خريطة الطريق تواجه خطراً كبيراً بالفعل وانها يهددها الفشل قبل ان تبدأ فمازلنا بعد أيام قليلة من قمة العقبة التي أعلن فيها الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني الموافقة على خريطة الطريق وتعهد كل منهما بتقديم التسهيلات وبذل الجهود لوقف العنف واستئناف عملية السلام وكل الشواهد تؤكد اننا عدنا الى نقطة الصفر فإسرائيل تصر على ممارسة سياسة الاغتيالات والانتقام من قيادات منظمات المقاومة وهذه المنظمات بدورها لن تسكت على ذلك وسترد بقوة على أي علميات اسرائيلية.
|