* طهران الوكالات:
في أقوى مظهر للاحتجاجات تواصلت أمس الاحد ولليوم الخامس على التوالي التظاهرات الإيرانية التي امتدت إلى جنوب غربي البلاد بينما جددت طهران اتهاماتها إلى الحكومة الأمريكية بتأييدها لما يحدث فيما لم تخف واشنطن ارتياحها للاحتجاجات.
وفي التطورات ان المناطق المؤدية إلى مساكن الطلبة في جامعة طهران في وسط المدينة وإلى مساكن الطلبة في جامعة بيهشتي في الشمال وفي جامعة طبطبائي في الغرب خضعت لسيطرة مشددة من جانب قوات الشرطة التي جرى نشرها بأعداد هائلة في مواقع إثارة الشغب المحتملة.
ولكن في الوقت الذي ذكرت فيه (اسنا) أن النشاط الطلابي قد هدأ نوعا ما في طهران فإن حوالي مئة طالب في مساكن الطلبة في جامعة طهران رددوا في ساعة مبكرة أمس الاحد هتافات تقول «الاستفتاء هو مطلب الأمة».
وقد دعا الطلبة إلى إجراء استفتاء لتعديل الوضع السياسي للبلاد وهو ما يعد تحديا مباشرا للقيادة الحاكمة التي حاولت قمع الدعوات المطالبة بالتغيير، وخلال العام الماضي ألقي القبض على العديد من الباحثين الجدد لتحديهم مجلس صيانة الدستور.
ومع حلول الليل أحاطت قوات الشرطة بجامعة طهران لحماية الطلاب من مليشيات تابعة للنظام اندفعوا إلى مهاجع الطلاب في الليلة قبل الماضية وأوسعوهم ضربا، وقال أحد الشهود إن جدران أحد المهاجع كانت عليها دماء.
وقالت الشرطة إنها اعتقلت سعيد العسكري وهو زعيم عصابة متشددة وبعض أتباعه بعد أن هاجموا المتظاهرين.
وقد حكم على العسكري بالسجن لمدة 15 عاما في عام 2000 بعد أن حاول قتل السياسي الإصلاحي سعيد هجاريان ألا أنه اطلق سراحه بعد ذلك في ظروف مشبوهة.
إلا أن المتشددين الذين كانوا بالملابس المدنية ورغم تحذيرات الشرطة لهم نصبوا حواجز على الطرق الليلة قبل الماضية وبدأوا يتفحصون السيارات ويوقفون بعضها.
وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (اسنا) أنه كانت هناك علامات على أن المظاهرات قد امتدت إلى جنوبي إيران حيث ردد المتظاهرون شعارات مناهضة لقادة البلاد وهو ما أدى إلى اعتقال عدد من المتظاهرين.
وفي شيراز عاصمة مقاطعة فارس الجنوبية الغربية اندلعت مظاهرات بين الشرطة وعدد غير معلوم من المتظاهرين الذين راحوا يرددون هتافات مناهضة لقادة البلاد وقد رفع المتظاهرون الذين اعتقل بعض منهم شعارات وجهت انتقادات حادة إلى المسؤولين.
وسرت معلومات متناقضة عن مقتل شاب في الثامنة عشرة من عمره مساء الجمعة في شيراز، وقد عزا أحد النواب الوفاة إلى المواجهات، وهذا ما نفته السلطات، ولا تزال أسباب الوفاة غامضة في أي حال.
وتزداد هذه الاحتجاجات فيما يبدو مع اقتراب الذكرى السنوية في التاسع من يوليو/تموز القادم لهجوم عنيف شنه متشددون على طلبة في أماكن إقامتهم الجامعية في عام 1999.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس محمد خاتمي الذي انتخب قبل عامين بحصوله على أكثر من 70 في المئة من أصوات الناخبين لم يعلق بعد على هذه الأحداث.
وقد منعت الحكومة الصحافة من تغطية المظاهرات وهو ما يعني أن معظم الأنباء المتاحة تعتمد على تقارير شهود العيان أو وكالة اسنا الطلابية، ويم السبت وصف عضو في البرلمان الموقف في البلاد بأنه «بالغ الحساسية» وأنحى باللائمة على الرئيس خاتمي وحكومته لافتقارهما إلى برنامج بناء لحل مشكلات الشعب.
وقال عضو البرلمان بيجان شهاب زاخاني أيضا لوكالة اسنا إنه نظرا لأن الولايات المتحدة تقف بوضوح خلف موجة المظاهرات في البلاد فإنه لا بد من تنبيه الشعب والطلبة للمطالبة بإجراء إصلاحات في إطار النظام الإسلامي وليس خارجه.
وذكرت الشرطة أن 28 متظاهرا و32 شرطيا قد أصيبوا خلال الاشتباكات التي وقعت منذ يوم الاربعاء، ولحقت أضرار بخمسة بنوك فضلا عن 22 سيارة و34 دراجة.
ومما يذكر أنه خلال الأيام الخمسة التي اندلعت فيها المظاهرات تم اعتقال حوالي180 شخصا، ولم يتضح بعد كم عدد الأشخاص الذين مازالوا رهن الاعتقال أو ما إذا كان عددهم يتضمن بعض الأشخاص من غير الطلبة من الأحياء المحيطة والذين أيدوا المظاهرات.
ويوم السبت اتهمت وزارة الخارجية الإيرانية الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية من خلال تأييدها لحدوث اضطرابات سياسية في إيران، وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا أصفي يشير بذلك إلى التصريحات التي أدلي بها في الأسبوع الماضي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ريتشارد باوتشر وأشاد فيها بالشعب الإيراني لانتباهه إلى ما أسماه السياسات الهدامة للحكومة الإيرانية، واستنكر باوتشر الاعتقالات في صفوف الطلبة.
وثمة مصدر إزعاج آخر للحكومة الإيرانية وهو محطات البث الإذاعي والتليفزيوني الخاصة في الولايات المتحدة والتي ترسل سيلا متدفقا من المتابعات النقدية لإيران باللغة الفارسية.
وفي مقابلات مع شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأمريكية تابعتها وكالة الأنباء الألمانية في واشنطن قال مسؤولون في محطة تليفزيون أزادي في لوس انجيلوس إن المحطة تنوي التحريض على المزيد من الاضطرابات بين الإيرانيين وإنها لنعتذر عن قيامها بذلك.
وقال مسؤول إيراني هو رضا فاضلي وهو ممثل سابق في إيران «هذا ما نحاول أن نفعله».
وقال مسؤول آخر هو قمبيز محمد «علينا الاستفادة من هذه الحرية للنضال من أجل الحرية والديمقراطية لبلادنا، وهو شيء لم يكن لدينا أبدا في أي وقت».
وقالت (اسنا) إن بعض الطلبة الإيرانيين اعترضوا على فكرة أن مظاهراتهم قد حركتها الولايات المتحدة وصاحوا بصوت عال «هذه حركة طلابية وليست من صنع أمريكا».
|