تحتشد مجالس النساء عادة بالكثير من القصص والحكايات العجيبة، والتي تحتاج بدورها إلى الكثير من التأمل والترجمة.
* فإن نرجسيته الذكورية غلبته، وأحس بحاجة إلى تجديد حيال هذا الجسد المستنزف بمهام الأمومة، يريد أن يخرج خارج الزمان ويعود إلى الخلف ليرضي نزوة منتصف العمر، ولأن هذا الرجل كان نبيلا للغاية «لاحظوا» ولم يُرد أن يطعن زوجته وأولاده، قام برصد مبلغ نصف مليون ريال، وأرسل زوجته إلى مصر، حيث دخل ذلك الجسد الأمومي الرائع الخصب، في سلسلة مهلكة من عمليات التجميل «شد ورفع وربط» لكي يصبح متوافقا مع المقاييس التي يطمح لها الزوج المتصابي «النبيل»، تحاول أن تصلح ما أفسد الدهر، وعملية الأمومة في الواقع ليست إفساداً للجسد بقدر ما هي نقله من مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضج، ولكن أطار الشيء «السلعة المقتنى» الذي تدور به المرأة يلغي الزمن، ويحصر الجودة بالجديد غير المستعمل!!
وفي نفس هذا النطاق قرأت خبراً في جريدة بأن فتاة بريطانية أمنت على جمالها بمبلغ كبير، لأنها تعلم بأن زوجها قد تزوجها فقط من أجل جمالها وأنها بعد عشر سنين عندما تبدأ هذه الجذوة في الانطفاء سيبدأ حبه أيضاً في الذبول.
والقصتان السابقتان تدوران في مضمار واحد وهو القيمة التي تقيِّم بها المجتمعات جسد المرأة، فهي عبر التاريخ لم تمتلك هذا الجسد ولم تسيطر عليه تماماً، ولم تختر له فضيلته الخاصة به.
فهو إما شيء بحاجة إلى الحماية والوصاية الدائمة، وينتقل من طرف إلى آخر وفق عقود ومواثيق، أو مصدر لمتعة وفق «فانتازيا» ذكورية ممتدة على طول المجتمع، بل وتغور عميقاً في الأبعاد الساحقة للتاريخ.
إن اغتراب المرأة عن جسدها، هو اغتراب عن بعض من ذاتها، وأحساسها بأن هذا الجسد يظل طوال العمر يقطع رحلة طويلة ومضنية، وفق شروط خارجية أسقطت عليه وجعلتها في حالة استجداء واستماتة للقبول والرضا المجتمعي.
هناك حالة استنفار سرية تعلن عنها عيادات التجميل والمستشفيات الخاصة، محاولة الاستعداد والتأهب لناقوس الخطر الذي تدقه الفضائيات ونساء الفضائيات المزركشات، فالقضية ليست كوني إنسانة لها أبعادها الإنسانية المتعددة من عقل وروح ووجود إنسانة، لكن هو الاقتناص القدري الأزلي في قفص المرأة «الشيء:- السلعة».
|