في عدد أمس السبت من هذه الجريدة النَّابهة ورد على الصفحات الأولى والرابعة تصريح لرجل الأمن الأول، صاحب الرأي والقرار سمو وزير الداخلية، وعلى الصفحة الأخيرة خبر مفصل عن مؤسسة تابعة لهذه الوزارة لنتائج تحريات وخطة عمل أسفرت لنتائج بالغة الأهمية.
في تصريح الأمير نايف نقاط بالغة الأهمية، بعيدة الهدف، صائبة النظرة، مؤكِّدة على ثوابت لا مساومة فيها أبداً لم يكن يُتوقَّع لهذه الدولة أن تفعل شيئاً آخر في شأنها سوى ما تفعل وما تقول، في وقت تكالبت فيه الأمور كلُّها كي تضع هذا المجتمع المسلم أفراداً وجماعات بل حكومة في مواجهة تحديات لعقيدته، ونظامه التعليمي، ومؤسساته الدينية، في الوقت الذي لاعلاقة بين ما يحدث على واجهة الساحة وما وراء دوافعه، وبين الدين الإسلامي الذي هو أس السلام ومنطلق الخير وجذر التربية. فأخطاء الأفراد، وتقصير الجماعات، وخلل السلوك يؤاخذ عليه المتسببون فيه، الفاعلون فيه، فإن ثبت القصور عن جهل يتمّ التوجيه وإن ثبت عن اهمال وتقاعس يتمّ العقاب، أمَّا حين يكون الخطأ فادحاً فالعقوبة تماثله فداحة، ولكن ما الأسباب وراء هذا الخطأ مثل الذي حدث من تفجيرات، أو مساهمة في عمليات فساد في الأرض، أوعزم على القيام بتخريب كلِّ هذا ليس «للدين الإسلامي» ولا للمؤسسات التربوية يد مباشرة فيه لأنَّ المدارس لا تفرّخ مجرمين في المفهوم المطلق لها في جميع أنحاء العالم الإنساني، بل هي مصانع الخير والسلام والوعي والفهم، فما بال في مجتمع تقوم عناصر تربيته على العدل والحق والخير والسلام والرضاء والقناعة والتسامح والصفح والتكافل والعطاء والإيثار والحب؟... إنَّ ما صرح به سمو الأمير نايف بأنَّ هذه البلاد لن تسمح لأيِّ ضغط أن يعطل أحكام الشريعة في هذه البلاد لهو تأكيد لن يكون حامياً له ومؤيداً إلاَّ رب الخلق الذي لن يخذل أمَّة تحرص على الدعوة لدينه وتثبيت جذوره والعمل بشرعه. ومن أقوى سنداً وأشدُّ أزراً من ربِّ السماء الذي لن يتخلَّى عن أمَّة تشهد له بالوحدانية وتحمي حرميه وتعمل في خدمة المسلمين له؟... ولعلَّ فيما توصلت إليه شرطة الرياض في الخبر الذي نشر في الصفحة الأخيرة من وجود عصابة تنتحل الجنسية السعودية تنتشر في البلاد ما يؤكد أنَّ الأيام القادمة ستسفر عن أمرين: الأوَّل الدوافع وراء الفساد والتأثير الذي وقع فيه من الشباب من خضع للخطأ السلوكي واختبأ تحت شعارات الإسلام، والثاني أنَّ التعامل بالنِّية الحسنة من قبل كلِّ مسؤول في عمله بدءاً بالمؤسسات التربوية، والإعلامية، والأمنية، بل الأسر لابدَّ أن يُعاد النظر في هذا التعامل، والتيقظ إلى أنَّ المرحلة التي نعيش فيها تتطلب فتح منافذ لكلِّ بصيرة في الإنسان كي يتَّقي مثالب وآثار هذا الانفتاح على العالم والتلقي المؤثِّر بسلبية في كثير من القيَم التي إن تضاربت عند فئات من الشباب فإنَّ من اليسر الدخول إلى عقولهم والتأثير فيها. بارك اللَّه في القرار الذي أدلى به صاحب السمو الملكي الأمير نايف، وعزَّزه بنصره وتأييده، ووفق رجال الأمن الذين هم الآن كلّ رجل في البلاد وكلّ امرأة، بل كلّ إنسان على تفاوت أدواره وعمره كي يبقى لهذه الأمة سلامها ويحفظها من شر كلّ ذي شر، وحسد كلِّ ذي مرض، فاللَّهم انصرنا بالاسلام وانصر الإسلام بإيماننا، واحفظ البلاد والعباد، وشدَّ من أزر مسؤوليها وولاتها.
|