خلال يوم الثلاثاء الماضي الموافق 10/6/2003م كان سوق الاسهم السعودي «السوق المالي مجازا» يخطو خطوات مرتفعة متواصلة في المؤشر العام للسوق كما الايام التي سبقت وواصل السوق ارتفاعه صبيحة يوم الثلاثاء حتى اغلاق ظهر ذلك اليوم بدون اي مؤشرات لأي تغيرات، وكان السوق يتداول اشاعة قوية وهي منحة شركة الكهرباء لأسهم مجانية تباينت كمية المنح بحسب مروج الاشاعة، وفرضت نفسها على المتداولين الصغار حيث اعطت هذه الاشاعة زخما كبيرا للسعر قفز به من 64 وخلال ايام قليلة وصل سعر الكهرباء الى 89 ريالاً خلال يوم الثلاثاء نفسه، وهذا دفع الجميع بلا اي تحفظ لشراء هذا السهم وبتداول كميات تصل الى 12 و 14 مليون سهم يوميا وتبع ذلك شركة الاتصالات وسابك وهي الاسهم القيادية بالسوق والتي تحدد كثيرا من المؤشر العام للسوق. وحدث ما لم يكن بحسبان المضاربين الصغار والمندفعين للشراء عند الارتفاع ان تم نفي الاشاعة بموقع تداول للاسهم التابع لمؤسسة النقد ظهر ذلك اليوم وكان نتيجة ذلك هبوط او نكسة سهم الكهرباء وبلغة رقمية اكثر وضوح هبط السعر من 88 إلى اغلاق السوق بأن وصل لسعر 73 ريالا وتعد أعلى نسبة وهي التي حمت السعر من الانحدار الى الستينات، وهذا الانهيار للسعر سحب معه الآلاف من المضاربين الذين «تعلقوا» بسعر فوق الثمانين ريالاً للسهم، فماذا يفعلون؟ وافهم ان هذه سوق ومضاربة وتذبذب للسعر، ولكن ما غذى السعر بهذا التسارع من الارتفاع ليصل لحد 89 ريالاً، هو شيء واحد فقط الاشاعة، وبرغم قناعتي المستقبلية المتوسطة الاجل وهي ان سعر الكهرباء السهم سيكون له قيمته السوقية التي سوف تعكس مستوى النمو بالشركة وهذا موضوع آخر وهو التحليل المالي للشركة، وهي التي تنمو يوما بعد يوم.
نني اضع اللوم على مؤسسة النقد العربي السعودي ومسؤولي تداول للاسهم المحلية اولا، لأنهم لم ينفوا الشائعة في وقتها لكيلا يترتب عليها هذا الارتفاع غير المنطقي للأسعار وما ترتب من خسائر الكثير من المضاربين الذين تكبدوا مبالغ كبيرة ينتظرون معها عودة السعر الى الارتفاع مرة اخرى وقد يطول انتظارهم.
مؤسسة النقد تتحمل وزر هذا الغموض في السوق وعدم الشفافية بهذا الخصوص تماما، لماذا لا تضع مؤسسة النقد مركزا للمعلومات يختص فقط بسوق الاسهم للمستثمرين والمضاربين وكل مهتم للرد على اي استفسار او اشاعة او معلومة يتم تداولها بالتنسيق مع الشركات؟ وهذا سيقضي تماما على اي ترويج لمثل هذه المعلومات التي للأسف كبدت الكثير من الخسائر للمواطنين ولكن من سيعوض هؤلاء؟! كذلك اللوم يقع على شركة الكهرباء التي لم ترد على هذه الاشاعة وقد تقول الشركة لسنا مسؤولين عن كل ما يتداول من اشاعات يروجها المستفيدون وهم المضاربون الذين لن يرحموا احدا وهو ما حدث. شركة الكهرباء كانت ستنور الطريق للكثير من المساهمين والمضاربين لو خرج احد مسؤوليها وقال انها اشاعة او تم البت بهذا الموضوع نهائيا، هي كلمات لا تتعدى سطراً واحداً كانت ستنجي الكثير جدا من المواطنين الذين خسروا الملايين وربح القلة، وهي للواقع ذكاء وحذق كبير من كبار السوق ولا اقول الهوامير، وهم يستفيدون من تغييب المعلومة وعدم وجود من يحمي او ينفي او يصرح بشيء فكل ما يمكن ترويجه يمكن ترويجه بدون اي حساب او توجس لما يمكن او يتبعه ذلك.
ما زال الكثير ينتظر من مهتمين ومضاربين ومستثمرين لهذا السوق المالي المنتظر، الذي يفترض ان يقضي على كل ما يحدث الآن من ترويج وتداول للاشاعات والاستفادة من المعلومات التي تتاح للقريبين من الادارة او هم انفسهم، هذه السوق التي سوف تعدل مسار سوق الاسهم السعودية الذي يفترض ان يكون اكثر وضوحا وشفافية لا لبس فيها للجميع بكل موضوعية وعدل، حتى لا يتضرر اي متداول لسوق الاسهم وتكون الفرص متكافئة للجميع وهو ما يفترض ان يكون.
|