لقاء - خالد الدوس
طوال تاريخ الرياضة السعودية الذي بدأ منذ ما ينيف عن نصف قرن تعاقب على مسيرتها الخضراء العديد من الرواد والنجوم والأجيال، منهم من كانت له بصمات واضحة واسهامات بارزة في وضع لبنات مرحلة البناء والبداية ومنهم من عاش حقبة ما بعد التأسيس وكل هؤلاء الرجال بالتأكيد ستظل اسماؤهم محفورة في الذاكرة!!
ومن هذا المنطلق حرصت «الجزيرة» على تقديم هؤلاء الرواد والنجوم والأسماء على صفحات كل جمعة..
ضيفنا هذا الأسبوع قائد فريق اتحاد الرياض «قبل دمجه» والشباب في الثمانينات الهجرية اللاعب سليمان بن عييد أحد الأسماء التي عاصرت حقبة التأسيس لهذا النادي الذي اشتهر لاعبوه بالباصات القصيرة المحكمة والأداء الجماعي المتميز حتى اضحت فرق الوسطى آنذاك تحسب له ألف حساب عند مواجهته رغم محدودية امكاناته وصغر سن لاعبيه!!
* مثَّل ابن عييد فريقه في خط الوسط وتميَّز باللياقة العالية واللعب بكلتا قدميه واجادته للضربات الرأسية مستفيداً من تكوينه البدني الجيد فضلاً عن سرعته العالية.
وبعد دمج فريقه مع النجمة مثله عده أشهر ثم انتقل للعب لفريق الشباب بعد دمجه مع النجمة عام 1388هـ وبعد اعتزاله الكرة خاض تجربة إدارية وكانت متزامنة مع أولى البطولات الشبابية التي تحققت عام 1411هـ في عهد رئاسة محمد بن جمعة الحربي.
استضفناه ليحكي لنا مشواره الرياضي وأيامه الكروية المنقضية فتعالوا نقلِّب أوراق الضيف التاريخية عبر السطور التالية:
صورة نادرة لفريق اتحاد الرياض «قبل دمجه» عام 1383هـ ويظهر ابن عييد الأول من اليمين وقوفاً
صورة يظهر فيها وزير العمل الشيخ عبدالرحمن أبا الخيل يسلِّم كأس الوسطى للدرجة الثانية لكابتن اتحاد الرياض سليمان بن عييد عام 1385هـ
البداية بحي الظهيرة
بدايتي الرياضية مثل بداية أي لاعب في الحواري والمدارس وتحديداً في حي الظهيرة هذه الحارة العتيقة التي شهدت ولادة قطبي الوسطى النصر والهلال داخل دهاليزها ونشأتها الكروية! حيث شرعت في مزاولة لعبتي المفضلة كرة القدم مع أبناء الحي أذكر منهم أبناء الوعيل محمد وفهد وسعود الجارالله وسلطان العبدالله وسعد البس وعبدالعزيز الجنوبي وذلك في أواخر الحقبة السبعينية طبعاً تزعم هذه المجموعة الشابة التي اطلق عليها اسم «نمور الهلال».. شخص يدعى عبدالرحمن السريع بحكم أنه الأكبر سناً بالمجموعة..
ولا أنسى في الحقيقة دور شيخ الرياضيين عبدالرحمن بن سعيد «أطال الله عمره» رائداً للحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى الذي احتوانا بالكور والملابس رغم أن فريقنا كان مستقلاً بذاته..
النواف سجلني بالاتحاد
وجاء انضمامي لفريق اتحاد في مطلع الثمانينات بتأثير قوي ومباشر من بعض زملائي لاعبي الاتحاد حيث كانت تربطني بهم علاقة دراسية في معهد الملك سعود الصناعي رغم أن ميولي كانت آنذاك هلالية وأتذكر جيداً أنني ذهبت معه لمقر النادي بحي الظهيرة وقابلت رئيسه الراحل مبروك صالح النواف «رحمه الله» ونجح في اكتشافي وتسجيلي رسمياً في الدرجة الثانية «درجة الشباب حالياً» ومثلته في كلتا الدرجتين شباب وأولى خلال فترة قصيرة.
وأتذكر أنني مثلت في درجة الشباب حارساً في عدة لقاءات وأعاد اكتشاف موهبتي في خط الوسط المدرب السوداني خضر رمضان بعد استدعائي للفريق الأول عام 1382هـ، ولأن الرياضة لم تكن آنذاك مقبولة اجتماعياً عند المجتمع النجدي فقد رفض والدي فكرة انضمامي لأي نادٍ وازاء ذلك كنت أخفي ملابسي الرياضية أثناء ذهابي للتمرين وسجلت دون علمه فكنت ألعب فترة طويلة بدون ما يلاحظ ذلك إلى أن كشف الحقيقة فرضخ لرغبتي وهوايتي.
شعار الاتحاد!
فريق اتحاد الرياض كان يحمل اسم الوحدة الصناعية أواخر السبعينات وتحول لمسمى الاتحاد عام 81 -1382هـ وترأسه الأستاذ مبروك النواف الذي كان يعمل لدى سمو الأمير نواف بن عبدالعزيز، حيث ترأسه بعد تصنيفه رسمياً عام 81 - 1382هـ ضمن أندية الدرجة الثانية «الأولى حالياً» مع فرق النصر والنجمة والاعتماد وغيرها.. طبعاً كان شعاره الأصفر والأسود تيمناً بفريق اتحاد جدة واستمر بهذا المسمى حتى دمج مع نجمة الرياض ثم دمجا مع فريق شباب الرياض «الشباب حالياً» عام 1388هـ ويعتبر مبروك النواف المؤسس الحقيقي للنادي، حيث ساهم في وضع اللبنات الأولى وبناء قواعده بدعمه واهتمامه ودوره المؤثر في مسيرته!
رمضان اكتشف موهبتي!
في بداياتي الرياضية مثلت الفريق كحارس مرمى في درجة الشباب ووجدت الفرصة للعب على مستوى هذه الفئة السنية وحقيقة لا أعرف ما الذي دفعني لعشق الحراسة غير أن المدرب السوداني خضر رمضان وكما أشرت آنفاً أعاد اكتشاف موهبتي في خط الوسط حيث نقلني من هذا المركز إلى خط الوسط ونجحت في فرض اسمي ضمن الأسماء الأساسية على مستوى الفريق الأول رغم صغر سني!!
اللقاء الشهير!
بعد تصنيف اتحاد الرياض ضمن أندية الدرجة الثانية عام 81 -1382ه دخل مع فريق النصر في منافسة حادة وازاء ذلك كانت لقاءاتنا معهم دائماً ما تحفل بالاثارة والقوة والتحدي حتى على مستوى جماهير الفريقين ولا أنسى لقاءنا الشهير الذي جمعنا به عام 1383ه في لقاء بطولي يحدد مصير الصاعد وهوية بطل الوسطى المهم نجحنا في الفوز وبجدارة بهدف يتيم مما اثار حفيظة النصراويين وأتذكر أن المدرب السوداني خضر رمضان تعرض للضرب من ثلة من جماهير النصر في أحداث مؤسفة شهدها ملعب الصايغ غير أننا تفاجأنا بعد أيام بتقرير من مكتب رعاية الشباب يتضمن اعادة المباراة نظراً لأن الحكم «محمد الجمل» أخطأ في التوقيت وأنهى المباراة قبل موعدها ب«5» دقائق واعتبار أن المباراة غير قانونية وهذه الادعاءات كانت باطلة باعتراف الحكم محمد الجمل فقرروا اعادة المباراة بدون جمهور ورفضنا اعادتها ولم نحضر في وقت المباراة فاعتبر النصر فائزاً والاتحاد منسحب فصعد النصراويون إلى الدرجة الأولى بعد فوزهم على بطل الغربية فريق الشرق «1/0» رغم أننا الأحق والأجدر منهم بالصعود ولكن «....»؟!!
الضربات الركنية أنقذت الشباب!
لكن المباراة الأصعب عندما تقرر اللعب ضد فريق شباب الرياض «الشباب حالياً» الذي كان يحتل المركز الأخير في دوري الدرجة الأولى عام 1387هـ وفريقنا بطل المنطقة فتقرر اقامة مباراتين لتحديد الصاعد والهابط المهم كسبنا الأولى «4/1» وخسرنا الثانية فتقرر اقامة لقاء فاصل وتعادلنا في الوقت الأصلي إلا أن الشباب فاز بفارق الضربات الركنية فبقي في دوري الكبار وخسرنا فرصة الصعود..
وأتذكر جيداً أن هذه المباراة صاحبها تحد كبير بين لاعبي الفريقين وبالمناسبة فريقنا «قبل دمجه» كانت فرق الوسطى تحسب له ألف حساب نظراً لامتلاكه لاعبين مؤثرين أمثال راشدان العتيبي وسليمان الحسينان «دورو» وسليمان المبيريك وبشير فرج..
دمج الأندية
في عام 1387هـ وضعت الإدارة العامة لرعاية الشباب التي كان يترأسها سمو الأمير خالد الفيصل تنظيمات جديدة للأندية توحيد أسمائها وشعاراتها طبعاً كان فريقنا ضمن الفرق التي شملها هذا التنظيم حيث تم تحويل مسماه من اتحاد الرياض إلى فريق المريخ نظراً لوجود اتحاد في جدة وبعد عدة أشهر دمج فريقنا مع نجمة الرياض ثم دمجا مع فريق شباب الرياض نظراً لتدهور وضعه الإداري والفني ولاسيما بعد ابتعاد رئيسه الشيخ عبدالله بن أحمد وتخلي أعضاء الشرف عن دعمه وقد انضم مجموعة كبيرة من لاعبي النجمة وكنت أحد هؤلاء اللاعبين لكن الأبرز بلا شك فهد بن بريك وسعدة وعبداللطيف آل الشيخ وعمر حامد «رحمه الله» وابن سالم ولا شك ان الدمج الثلاثي أفاد الشبابيين كثيراً حيث كان كل مركز في الفريق يضم أكثر من «3» لاعبين نظراً للتضخم العددي الذي أفادهم إذ نجحوا في الوصول في الموسم الذي تلاه لنهائي كأس الملك عام 1389هـ ضد الأهلي!
مثلث المدرسة
كان مقرراً دمج الشباب مع أهلي الرياض «الرياض حالياً» إلا أن اختلاف مثلث المدرسة محمد الصايغ وعبدالله الزير وعبدالعزيز بن عسكر مع الشبابيين حول الشعار والمسمى حال دون اتفاقهما على ذلك.. فتقرر دمج النجمة مع الشباب فحمل الشبابيون شعار النجمة الأزرق والبرتقالي وبقي المسمى على ما هو عليه!
أنا وابن موزان
من المواقف التي لا أنساها مع الحكم السابق عبدالرحمن الموزان أتذكر في لقائنا بشقيقنا فريق الهلال بالدوري أواخر عقد الثمانينات وبعد احرازنا الهدف الرابع توجهت لزميلي لاعب الهلال عبدالعزيز العييد المعروف ب«القشة» وسلمت عليه - وهو بالمناسبة ابن عمي - غير أنني تفاجأت أن الموزان يوجه لي انذار لأنه فسر ذلك استفزازاً وهذه البطاقة الأولى التي أحصل عليها في حياتي الرياضية وبالمناسبة ابن موزان كان يعد من أشهر حكام تلك الحقبة نظراً لقوة شخصيته وجراءته في اتخاذ القرار من صلب القناعة وعدم تردده فضلاً عن لياقته العالية ومتابعته للحدث عن قرب وهذا سر نجاحه وبروزه في ميدان التحكيم!
شارة القيادة
تلقدت شارة الكابتنية بعد ابتعاد زميلي اللاعب راشدان العتيبي اثر اصابته بكسر في الساق.. ولا شك أن مسؤولية قيادة المجموعة كانت صعبة جداً غير أن علاقتي باللاعبين وادراكهم حين أتكلم معهم وأوجههم داخل الملعب في حالة تقصيرهم أثناء المباراة ما هو إلا من أجل الشعار وحبنا لنادينا ساعدني بالطبع في تحمل هذه المسؤولية بكل اقتدار!
هجران الملاعب!
استمررت في الملاعب حتى عام 91 -1392هـ ومن أقوى الأسباب التي دفعتني لهجران الملاعب الظروف العملية المتمثلة في كثرة انتداباتي بحكم طبيعة عملي بوزارة المعارف واعتقادي أن عشرة أعوام لعبت فيها مع اتحاد الرياض والنجمة وأخيراً الشباب كافية إذا أخذنا بالاعتبار أن جيل الأمس عمرهم الرياضي قصير لانعدام الحوافز المشجعة وتواضع الامكانيات وندرتها.
طبعاً بعد اعتزالي خضت تجربة إدارية بنادي الشباب حيث رشحت مديراً عاماً للنادي في عهد رئاسة الأستاذ محمد بن جمعة ثم أمين صندوق ابان رئاسة الأستاذ سليمان المالك.
ضابط اتصال
الشيخ عبدالحميد مشخص الذي ترأس الشباب بعد دمجه مع النجمة كان 1388هـ أعتبره من رواد الرعيل الأول ومن مؤسسي نادي الشباب حيث ضحى بالشيء الكثير والكثير شأنه في ذلك شأن الشيخ عبدالله بن أحمد وصالح ظفران رحمها الله، حيث كان يعد بمثابة ضابط اتصال ويقوم بجذب اللاعبين المتميزين في المنطقة الغربية ولا شك أنني أعتز بفترة رئاسته التي عاصرتها كلاعب وما قدمه لشيخ الأندية من تضحيات وأدوار كبيرة لا يمكن تجاهلها.
رواد الحركة الرياضية
رواد الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى يجب ألا ننساهم الشيخ عبدالرحمن بن سعيد ومحمد الصايغ وعبدالله بن أحمد «رحمهما الله» ومبروك صالح النواف والأخير رغم محدودية امكاناته المادية إلا أنه نجح في تأسيس نادٍ وكانت له أياد بيضاء على لاعبيه يسجلها له التاريخ الرياضي.
إداريو الأمس كانوا يتميزون بالطيبة المتناهية وخلقهم الرفيع ولا يوجد كراهية ولا حسد بينهم إنما كان تعاملهم قائماً على مبدأ حسن النوايا أما اليوم فالوضع اختلف 180ْ!!
نهائي الكأس!
من الأشياء الجميلة في حياتي الرياضية وصول الشباب لنهائي كأس الملك لموسم عام 89 -1390هـ في افتتاح استاد الملز أمام فريق أهلي جدة وخسرنا بهدف سجله مهاجمه سليمان مطر «الكبش» في حين قدم الشباب واحدة من أفضل مبارياته وخسر بشرف لكن كسب المثول أمام جلالة الملك فيصل «رحمه الله».
طبعاً في تصفيات كأس الملك حققنا نتائج مذهلة وأقصينا منافسنا الدائم وعقدتنا الدائمة «الهلال» ثم كسبنا بطل الشرقية لنلاقي الأهلي في نهائي الكأس في ملعب الصايغ بالرياض!
أبو عصيدة مصيبة!
جميل أبو عصيدة لاعب انتقل للشباب من الاتحاد كان يطلق عليه لقب ذو الرئات الثلاث فهو لاعب لا يكل الركض ولا يمل تجده في كل خانة مستفيداً من لياقته العالية ومجهوده السخي طبعاً كان يعد من أبرز نجوم الفريق وأهم العناصر التي لا يمكن الاستغناء عنهم لكن مشكلته انه لا يعرف طريق المرمى!!
الاستفادة من اللاعبين السابقين!!
أتمنى أن تستفيد أنديتنا الرياضية من لاعبيها السابقين سواء في المجال الإداري أو الفني، فاللاعب الذي قضى سنوات طويلة في خدمة ناديه واعتزل يجب الاستفادة من خبرته وكفاءته سواء كمدرب أو إداري، ولكن الملاحظ ان هناك فجوة بين جيل الأمس ورياضة اليوم وهنا مربط الفرس!
السيرة الذاتية للضيف
الاسم/ سليمان بن علي العييد
تاريخ الميلاد/ 1365هـ
الحالة الاجتماعية/ متزوج وأب ل وليد 35 عاماً
وائل 26 عاماً
نايف 17 عاماً
أحمد 9 سنوات
3 بنات
المهنة/ موظف متقاعد بوزارة المعارف
|