تتحدث إسرائيل في إطار حالة الغليان الراهنة من موقع الشرعية وتخاطب الآخرين (الفلسطينيين) باعتبارهم معتدين على هذه الشرعية، وهذه حالة حاولت إسرائيل ترسيخها، دون جدوى، طوال عقود عديدة، لكنها تظل في كل الأحوال المعتدية على الفلسطينيين والمغتصبة لأرضهم وحقوقهم، رغم ما تجده من مناصرة دولية لاكتساب الشرعية.
ولن يشفع لإسرائيل أنها الأقوى والأكثر تسليحاً والأوسع نفوذاً في العالم من الفلسطينيين لكي تكتسب شرعية لا تملكها.
فإسرائيل تتحدث الآن بعد أن أطاحت بمبادرة السلام التي لاحت في الأفق، عن حرب لا هوادة فيها ضد الإرهاب بينما هي الإرهاب بعينه وهي التي جلبته لفلسطين وللمنطقة بأجمعها من خلال مذابح لن ينساها التاريخ، تمكنت خلالها من إجبار الفلسطينيين على النزوح من أرضهم.
وعلى ذلك فإن أي تصريحات تحاول تبرئة إسرائيل من الجرائم التي ارتكبتها في اليومين الماضيين إنما تشجع فقط هذا الكيان الإرهابي على ارتكاب المزيد من الجرائم.إن اللهجة المخففة التي تخاطب بها الدول الكبرى إسرائيل عندما تقدم على قتل الأبرياء بطائرات الأباتشي وإبداء مجرد الانزعاج تجاه ما ترتكبه من فظائع تشجع إسرائيل على المضي قدماً في هذا النهج الدموي وتعزز القناعة لديها بأن الآخرين ينظرون إليها ككيان شرعي يحارب خارجين على القانون يستهدفون الإخلال بأمنه.
وفي الوقت ذاته فإن أقوى عبارات الإدانة تنهال على المنظمات الفلسطينية التي تحاول الرد على القطاعات الإسرائيلية التي تلحق بها.
إن غياب الموضوعية والحيادية تجاه النزاع العربي - الإسرائيلي هو ما يسهم في تعقيده، لأن مناصرة إسرائيل بهذا الشكل يجعلها تتصلب في مواقفها لأنها ترى الآخرين يتساهلون تجاه جرائمها، ولا يهمهم كثيراً إن هي بالغت في مطالبها وفي رفضها إعادة الحقوق لأهلها.
|