لا تزال هناك بعض من كلِّ مشكلات الطلاب والطالبات في المدارس تسترعي الانتباه، وتدعو إلى التفكُّر، فطالب الثانوية الذي تسلَّق في الطائف سور مدرسته ومات، إمَّا بسبب التماس الكهرباء وإمَّا بسبب آخر سوف تكشف عنه التحقيقات والتَّحريات... وليس هذا هو الهدف من هذه السطور، فالهدف هو الذي يكمن في الأسباب الخفية وراء رغبة طالب في هذه المرحلة في الخروج من المدرسة حتى إن جاء الخروج بهذه الطريقة الهروبية الخفيَّة... وإلاَّ لذهب إلى الإدارة واستأذن وخرج بعذره عن طريق الباب المكشوف، وعلى مرأى من الجميع، لا يلاحقه خوف، ولا يردده سبب، ولا يخشى معرفة سببه، أو اظهار خروجه. فهل السبب في المدرسة؟ إدارة، أو مدرسين، أو بيئة تربوية، وتعليمية؟ لم تستطع احتواء شاب في مرحلة من العمر تحتاج فيه كلُّ تركيباته وتكويناته النفسية والادراكية والوجدانية، تلك التي تشكل احساسه، وذاته ونظرته لهذه الذات، بل شعوره برجولته للاهتمام به في هذه المرحلة بكلِّ هذا الشعور الذي يجعله يأبى التعامل معه كطفل أو صغير يحتاج إلى التوجيه، ولكن ليس بأسلوب التوجيه للصغير في عمره، الكبير في حسه، أم هناك أسباب أخرى في صعوبة ما يدرس لعدم قدرة المعلم الذي يدرِّسه على جعله يحب العلم، ويقبل عليه، ويتكوَّن لديه التوجُّه له؟ أم بسبب كثرة أو ضغط الواجبات، وملاحقة الزمن من حوله الذي لم يحسن ترتيبه كي يؤدي فيه كلَّ ما عليه، فيواجه الاختبارات بحصيلة تهدده بفقر النتائج، فيضطَّرب لأنَّ أسرة أمامه سوف يجد فيها عنت الأب، أو قسوة الظروف؟ أم أنَّه لم يجد منذ النشأة الأولى من يؤكد دعائمه الذاتية وضوابطه الخاصة، فانفلت لا يدري أيَّ السبل لأرقى السلوك؟
ألا يحتاج الأمر كما هو ملحٌّ في كلِّ مرة بتنا نقرأ فيها هذا النوع من المشكلات التي يواجه بها المجتمع نموذجاً من الشباب، يضيعون أو يموتون بسبب عوامل قد تحتاج إلى صياغات جديدة للمؤسسات التربوية سواء في المدرسة أو البيت أو المجتمع.
|