* واشنطن سانتياغو الوكالات:
مع قدر قليل من التحذير المسبق تخلت الولايات المتحدة عن استراتيجية الشرك الخداعي التي كانت تنتهجها في كوريا.
وهذه النظرية التي ظلت سائدة حتى حقبة الحرب الباردة مفادها أن تمركز 000 ،37 جندي أمريكي قرب المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين الشمالية والجنوبية سيكون كافيا لردع هجوم من كوريا الشمالية نظرا لأن الولايات المتحدة سترد على هذا الهجوم بالأسلحة النووية في حالة تعرض تلك القوات وأيضا القوات الكورية الجنوبية لهجوم مباغت.
هذه الاستراتيجية حققت نجاحا لفترة من الوقت، بيد أن الأشياء قد تغيرت بما في ذلك أيديولوجية إدارة بوش التي وضعت الكوريين الشماليين ضمن محور الشر جنبا إلي جنب مع العراق وإيران.
أضف إلي ذلك أن القوات الأمريكية التي كان ينظر إليها باعتبارها ضامنة السلام في شبه الجزيرة الكورية باتت هدفا لشعور سياسي معين يتنامى في سول وهو الشعور الذي عبرت عنه الانتخابات الرئاسية الأخيرة في كوريا الجنوبية بأن الأمريكيين محتلون ويشكلون عقبة أمام إعادة توحيد الكوريتين.
وفي الاسبوع الماضي أعلنت واشنطن أن القوات الأمريكية سوف تبقى في كوريا الجنوبية بيد أنه سيتم سحبها بعيدا عن الطريق المحفوف بالمخاطر، ومن ثم عمدت إلى التخفيف من استراتيجية الشرك الخداعي هذه بقدر قليل من التحذير وذلك على الرغم من أن واشنطن قد أرسلت إشارات في الماضي تفيد بأنها من المرجح أن تتخذ مثل هذا الإجراء.
ويعتقد سيليج هاريسون مدير برنامج آسيا في مركز السياسية الدولية أن الولايات المتحدة فعلت الشيء الصواب استنادا إلى أسباب خاطئة وبالطريقة الخاطئة، وهو يعتقد أنه كان يتعين على الحكومة الأمريكية اتخاذ هذا الإجراء كجزء من اتفاق مع الكوريين الشماليين.
وفي إطار هذا السيناريو فإنه سوف يتعين على كل من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تحريك قواتهما بعيدا عن المنطقة منزوعة السلاح شديدة التوتر في نفس الوقت، وكان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى تخفيف عام في الموقف المتوتر في شبه الجزيرة الكورية.
غير أن هذا الإعلان المفاجئ من جانب واحد زاد من الشكوك لدي الجانبين في المنطقة المنزوعة السلاح كما كان له تأثيره على زيادة التوترات بينهما، ويعتقد هاريسون وآخرون أن الانسحاب الأمريكي تم بناء على أوامر من أجل إعطاء القوات المسلحة الأمريكية مرونة أكبر إذا أصدر البيت الأبيض أوامره بشن هجوم على كوريا الشمالية، وبدا للكثيرين أن هذه حالة أخرى حيث تضطلع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وبموافقة من البيت الأبيض بدور بارز وحاسم في قرارات السياسة الخارجية الأمريكية، ولدى الكوريين الشماليين سبب يدعوهم للاعتقاد بأنهم وباعتبارهم عضوا في محور الشر فإنهم قد نجوا من هجوم على شاكلة ذلك الذي تعرض له العراق لأنهم يملكون أو قد يملكون رادعا نوويا، وبموجب هذه النظرية التي يتبناها أيضا بعض الخبراء الأمريكيين فإنه قد وقع الاختيار على العراق كهدف للبنتاجون لأن بوسع الولايات المتحدة تنفيذ الهجوم، ومن ثم لم تكن إيران ولا كوريا الشمالية معرضتين للمخاطر.
من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول أن الولايات المتحدة لا تزال تفضل مخرجا دبلوماسيا مع كوريا الشمالية وذلك بعد إعلان بيونغ يانغ وللمرة الأولى أنها تسعى إلى الحصول على السلاح النووي.
وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في سانتياغو بتشيلي حيث يشارك في اجتماع لمنظمة الدول الأمريكية «قالوا أشياء مشابهة في الماضي (...) هذا الأمر لن يغير من استراتيجيتنا».
وأضاف «لسنا على طريق الحرب، الرئيس (جورج بوش) ما زال يعتقد أنه من الممكن التوصل إلى حل دبلوماسي «للأزمة حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية.
وذكر باول بأن واشنطن ما زالت تسعى إلى إجراء محادثات «متعددة الأطراف» مع بيونغ يانغ كي لا تجد نفسها في اجتماعات مغلقة مع النظام الشيوعي.
وأوضح «نأمل أن تفهم كوريا الشمالية أن هذا الأمر يجب أن يحصل بطريقة متعددة الأطراف وعلى أن يضم على الأقل اليابان وكوريا الجنوبية».
وذكر بأن واشنطن «تعتقد أن كوريا الشمالية تمتلك عددا قليلا من الأسلحة النووية وأنها قادرة على تطوير وإنتاج عدد ضئيل من هذه الأسلحة، واحدة أو اثنتين».
وكانت كوريا الشمالية أقرت أمس علنا للمرة الأولى بأن النظام الشيوعي يسعى إلى إقتناء السلاح النووي في ما يبدو بمثابة محاولة جديدة لانتزاع تنازلات من الولايات المتحدة.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية «لا خيار أمامنا سوى الردع النووي طالما أن الولايات المتحدة ماضية في سياستها العدوانية وتواصل ممارسة تهديد نووي».
|