* الرياض - منار الحمدان:
المفهوم السائد ان الزوج في منزله هو رئيس الأسرة وهو من يرعى شأنها ويصدر التوجيهات والتعليمات لدرجة الأمر والنهي على افتراض أنه يصدر من صواب ليحقق صواباً بمعنى أنه يهدف لصالح هذه الأسرة مع التسليم بحدوث القصور والأخطاء نتيجة الفروق الفردية بين البشر لكن ما سنطرحه هنا هو إذا كانت المرأة هي رب الأسرة والمتسلطة على الزوج ونتحدث إلى متخصصين في أمور الدين والنفس والاجتماع ليوضحوا لنا المسألة.
الأسباب
ترى الاختصاصية الاجتماعية عائشة القحطاني أنه حينما يكون اضطهاد المرأة لزوجها من بداية زواجهما وقبل المعايشة الفعلية فلعل مرجع ذلك تأثر الزوجة المسبق والآني بكلام صاحباتها وأقاربها خاصة أولئك الذين يرون ان الرجل سيحاول حتماً السيطرة والمبادرة بفرض الآراء وان عليها استباق الأحداث والمبادأة بأخذ زمام الأمور فتكون الزوجة حينها مشحونة بتأثير تلك الأفكار السطحية غير الواقعية فإن وجدت من زوجها مناخاً مناسباً كان لها ما أرادت والا فإن الأمر في كلا الحالين مرده إلى حياة زوجية هشة قد تفشل وان امتدت قليلاً.
ولكنها لم تنس ان تذكر ان بعض الأزواج قد ورث الشدة من بيئته الاجتماعية الأسرية في التعامل مع الزوجات فهو الآمر الناهي وعليها دائماً الاستجابة والتنفيذ دون نقاش واعتراض، ففي هذه الحالة تقول ان على المرأة ألا تبادل زوجها إن كان من هذا الصنف بمثل ما يعاملها به وعليها بالرفق واللين والتودد له ما استطاعت وحثه على ذلك فلابد انه سيجد منها دليلاً ومرشداً للعطف والتفاهم بدلاً من التعالي كما نبهت إلى الآثار السيئة التي تعلق بعقول وأنفس الأنجال جراء تلك المشكلة خاصة إذا كانت ممارسات الاضطهاد ظاهرة أمامهم فإن الأبناء الذكور خاصة سيتأثرون كثيراً وان لم تسلم البنات.
الجوانب المادية
ونبهت أيضاً إلى خطورة تمادي الزوجة في ضغوطها على زوجها بكثرة الطلبات وتوفير ماتحتاجه ومالا تحتاج إليه اشباعاً لغرورها وسيطرتها على رجل وجدت منه الضعف والاستكانة لها فلو كان غير ذلك لانتهجت معه مسلكاً مغايراً وشددت على أهمية الخروج بالأسرة من دائرة الديون التي تؤثر على سلوك الزوج تجاه ابنائه وأقاربه ومحيطه الاجتماعي ويضعه في مكان ليس له أصلاً وذلك بسبب عدم تفهم الزوجة لأساليب الحياة التي أوضحها الشارع الحكيم ويفهمها كل ذي عقل سليم وأكدت انه في حالات كثيرة مماثلة يستيقظ الزوج من سبات عطفه ورقته ويتحول من ضعف إلى قوة بل قوة مدمرة للزوجة نفسها وربما للأسرة بكاملها.
رأي الدين
في هذا الجانب الهام تحدث فضيلة الشيخ الدكتور محمد الشويعر مبيناً ان الخلافات الزوجية شيء متوقع في الأسرة ولكن لايجب ان يبلغ الأمر إلى الحد الذي تتفاقم الأمور معه وتحاول الزوجة إحكام الحبل حتى يشتد بين الطرفين ورسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه الكرام وصلتنا أخبارهم ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حصل بينهم وبين زوجاتهم خلافات ومشادة لكن أولئك الزوجات لم يبلغ بهن الأمر إلى التقصير في حق الزوج والتخلي عن أداء الواجبات والحقوق ذلك أنهن رحمهن الله يدركن دلالة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء فيه لو كنت آمراً أحداً ان يسجد لأحد لأمرت المرأة ان تسجد لزوجها لعظم حقه عليها. فالمرأة التي تقصر في حق زوجها لمجرد اختلافها معه في أمر قد يكون سببه لا يستحق الذكر فإنما هي امرأة ضعيفة الإيمان بعيدة عن تطبيق حكم الله في الحياة الزوجية لأن الشيطان حريص على أن يغذي هذا الخلاف ويوغر الصدور بما يزيد السيئات على الزوجة وبما يدعو للمباعدة بينها وبين زوجها.
ولأن الرجل في بيته ماهو إلا طفل كبير أثقله يوم العمل وطلب المعيشة لزوجته وأطفاله وتمرّ به المشكلات والعقبات ولايجد من يخفف عنه ذلك إلا في راحته بالبيت الذي يحتاج إلى الاطمئنان من المتاعب والمودة والرحمة بجانب الزوجة والتشاور في الأمور والمشاركة في حلو الحياة ومرّها.
ولايجب ان تكون المرأة غير المسلمة أحرص من المسلمة على الصفات التي يحث عليها الإسلام فلقد قرأت عن المرأة في إحدى الدول الأوروبية انها تحرص على ان يكون البيت مهيأ بالراحة والبعد عن المنغصات عند عودة الزوج من العمل حتى تنسيه متاعبه اليومية حتى الأطفال ومشكلاتهم والبيت وما يحتاج إليه تبعد ذلك عن الزوج حتى يجد الراحة والمودة والمرأة المسلمة أحق بالامتثال لهذا الواجب الذي لا تكلف فيه وإنما هو عبادة تؤجر عليها علاوة على ما فيه من مصالح وفوائد للمرأة قبل الرجل.
فالزوجة التي تسرف قد أرضت نزعة في قلبها فأغرقت زوجها في الديون حيث يجب الحجر عليها لسفاهتها والله عز وجل يقول:
فإن مثل هذه الزوجة قد ظلمت زوجها وأولادها بهذه التصرفات التي استنزفت أمواله وجنت عليه بغير مودة أو رحمة فقد اتبعت طريق الشيطان وابتعدت عن أمر الرحمن وتعتبر نموذجا للمرأة السيئة التي خلا قلبها من الإذعان لأمر الله والائتمار بشرعه ومحبة ما يحبه الله ورسوله.
رأي الطب النفسي
أما الدكتور أحمد جاد استشاري طب نفسي فيرى ان اضطهاد الزوجة لزوجها يعود لأسباب عديدة يصعب تحديد ما إذا بدأت بالجانب النفسي أو ان الظروف المحيطة بالزوجة أو المجتمع الذي عاشت فيه هو الذي أدى إلى التدهور والتعب النفسي.. وفي الغالبية العظمى فإن تفاعل العاملين مع البيئة والنفس هو الذي يؤدي إلى هذا النوع من العدوانية نعم ان التهجم من أي طرف - الزوج أو الزوجة - على الآخر يعتبر عنفا وهذا العنف له درجات مختلفة وأسباب مختلفة فمثلاً لو نشأت الزوجة في بيئة يكون فيها الحوار بين والدها ووالدتها مختصراً جداً ويكون التعامل أساسه العنف بكل أنواعه فإن هذه الزوجة ستتبع نفس هذا الأسلوب مع زوجها في المستقبل لأن مثال التعامل بين أبيها وأمها أمام عينيها باستمرار أو انه أصبح مثلاً لها إذاً قد تحاول رفضه واعتباره مثلاً سيئاً لكنها تظل متأثرة به سواء أرادت أم لا هكذا النفس مرآة لكل التجارب التي تمر على الإنسان في حياته لكنها مرآة تختزن الصور والمواقف ثم تظهرها في يوم ما من حياتها.
إذن التلفظ بالألفاظ القاسية أو أي نوع آخر من انواع العنف يكون هنا نوعاً من أنواع التكرار مثال الأبوين هناك أيضاً الشخصيات التي لا تستطيع التحكم في انفعالاتها فيصدر عنها أفعال وأقوال سرعان ما تندم عليها وهناك الشخصيات ذات الوسواس القهري والتي تجد نفسها مندفعة وبلا إمكانية في التحكم ولكن تلك الشخصيات تظهر نفسها في أعراض أخرى في مختلف نواحي حياتها اي ان السباب (العبارات القاسية) لايكون المظهر الوحيد فاللجوء للألفاظ القاسية أو للتجريح والتقليل من شأن الزوج يكون اضطهادا إذا توفرت فيه صفة الاستمرارية أي التكرار لدرجة اعتباره (نمطاً) للتعامل من الزوجة للزوج في هذه الحالة يمكن اعتباره سلوكاً معيناً يعكس تكوين شخصية معينة فعلى سبيل المثال لو ان هناك امرأة تهتم بنفسها ومظهرها من وقت لآخر وبطريقة غير منتظمة لدرجة ان الآخرين لم يلحظوا انها مهندمة اذن هذه ليست صفة أساسية لتلك المرأة ولو سئلت عن ذلك لأجابت انها بالفعل ليست كذلك.
وعلى كل حال فالمرأة التي تتهجم على زوجها بانتظام تختلف عن التي تسبه من وقت لآخر ففي الحالة الأولى فإن هذا يعكس عدم راحة نفسية داخلية لديها ورغبة مستمرة في ان تخرج ماهو سيئ من داخلها وتسقطه على زوجها هذا إذا لم يكن الزوج مسؤولاً عن أي شيء.
وهذا بدوره يعكس موقفاً عدائياً تجاه الرجل أو على العكس رغبة ملحة في التقرب منه ولكن مع عدم قدرة على التعامل مع هذا الشعور الذي اضطرت لكبته وإحباطه طول عمرها وذلك بتأثير من البيئة التي تعيش فيها وذلك كما ذكرت مسبقاً بين تفاعل النفس والبيئة.
كما قد يكون ذلك ناتجاً من انعكاس لعدم الثقة بالنفس فلا تجد وسيلة للتغلب عليه غير التقليل من قيمة الزوج عن طريق التهجم عليه وقد يكون هذا نوعاً من أنواع طلب النجدة والمساعدة والتي تقول فيها الزوجة لزوجها ساعدني في ان أفهم نفسي ساعدني على ان أتغلب على هذه الصفة السيئة فيَّ..
لا تغضب من الصورة الخارجية التي أظهرها لك فأنا لا أريد ان استمر هكذا ساعدني.
أما في الحالة الأخرى المرأة التي تنفعل من وقت لآخر فإنها ترسل رسالة مستمرة للزوج تقول فيها افق يا رجل أنت لا تفهمني كيف عن أمانتك لي..
أنا أيضا لي احترامي
أنا أرفض ان تعاملني بذلك الإهمال.. إني امرأة واحتاج لاهتمامك النفسي قبل الاهتمام المادي.
أنا أنثى، جذابة فإذا لم تفهم ذلك فسأريك إياه
إني مثلك تماما لي حقوق وعليّ واجبات.... الخ... الخ
ووضَّح الدكتور السلبيات المترتبة على الابناء من جراء تعاملهما بعنف ويقول مما لاشك فيه فإن طريقة تعامل الابوين مع بعضهما البعض لها تأثير سلبي على الأبناء.
فسيترتب على ذلك إصابة الأبناء بالاكتئاب والقلق وبالتالي سيكونون أكثر عرضة لاستعمال المخدرات وأكثر عرضة للكذب والسلوكيات غير السوية علاوة على ان حياتهم ستكون صورة مكررة لما شاهدوه من آبائهم لذلك فحياتهم لن تكون سعيدة في الغالب.
|