في خضم الأحداث الهائلة التي صرفت انظار الرأي العام المحلي والعالمي في الشهر المنصرم بدءاً من مسلسل العراق العجيب المتقن الإخراج ومروراً بأحداث شرق الرياض المؤسفة التي نفذها مجرمون لا عهد لهم ولا ذمة، ووسط ذاك الركام من الأجساد المنسية في فيافي أرض الرافدين، أو تلك التي شوهتها نيران الانتحاريين القتلة في المجمعات السكنية الآمنة في قلب اليمامة، تمر على الناس أحداث هادئة الضجيج عديمة الصخب بعيدة عن أضواء الكاميرات وهدير أقلام الإعلام، ولو تمعن فيها الناس ملياً وحبسوا لها أنفاسهم كما يفعلون أمام شاشات التلفزة التي تنقل أمطار الصواريخ على احضان الأطفال لوجدوا اختلافا كبيرا في منهجية السم المعلب مع أنات الجرحى وعويل الثكالى الذي تتعشى عليه هذه الفضائيات حيناً وتتغدى عليه حيناً آخر.
وعجبي أن تمر أحداث مهمة كندوة تنشئة الطفل التي نظمها مستشفى قوى الأمن بالرياض ورعتها سمو الأميرة فهدة بنت تركي السديري حرم صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية وذلك ضمن الانشطة التي شارك بها المستشفى على هامش الاحتفالات بيوم الصحة العالمي، فقد تابعت عن كثب تلك الندوة التي غاب عن متابعتها الكثير من مؤسساتنا الإعلامية ووجدت لها عذرا في عدم النشر والمشاركة بسبب السباحة في بحر الحروب المتلاطم الأمواج، لكن ان يمر الحدث هكذا دون متابعات تذكر فهذا ما حزَّ في نفس المرء وخلّف مرارة في الحلق، وطافت بذهني احداث الموت الأخيرة التي استهدفت الخيرات وحاولت حرماننا من التمتع بخيرات الدنيا وفنونها التي اباحها الله عندها أجبرتني هذه الأحداث أن ابلع الغصة الحارقة وأبدأ من حيث انتهى الانتحاريون من جرمهم الكبير، حيث اولت ندوة تنشئة الاطفال اهم الفئات العمرية اهتماما كبيرا لاسيما أن الاطفال عرضة لمخاطر عدة منها الصحي والعقلي والتفكيري والمنهجي وان اردنا شمولاً فلنقل التربوي ولو أن مؤسساتنا أعانها الله بذلت مجهودات مقدرة في دعم البنية التحتية للإنسان او الطفل في عمره القصير وشرّبته أفكار الوسطية والاعتدال والتسامح لكان الوضع مغايرا في اعتقادي ولما احترق خمسة عشر شاباً بفعل الأفكار الهدامة وأحرقوا معهم عشرات الأبرياء المسالمين.
وبهذه الفاجعة أرجو ان لا يكون الناس أسرى للحدث الأليم، بل المطلوب ان تكون هذه الأحداث خير حافز للتغيير ومنها ليبدأ الانطلاق نحو انتشال الأجيال الصاعدة من مصايد الاعداء الذين اغلقت في وجوههم الأبواب وما عادوا يجدون حيلة للنيل من المملكة إلا عن طريق تسميم عقول أبنائها.
شكراً لسمو الأميرة فهدة السديري لتلك الرعاية الكريمة التي علمتنا فضيلة الانتماء لمحور الخير حيث سعت الأميرة وما زالت لتفرز في محيط الأمومة والطفولة بذرة التحصين ضد الأشرار، لعل الله يوفقها ويسدد على طريق الخير خطاها.
وشكراً لمستشفى قوى الأمن ومديره الدكتور محمد حسن مفتي ومعاونيه الذين علموا النشء علما يستبان به وقبل العلم اخلاقا فقد استبقوا بندواتهم هذه النداءات التي صدرت مؤخرا وبعد «أن وقعت الفأس في الرأس» نُطالب بإبعاد الشباب عن مواطن الخراب، فمعاً سادتي نترسم خطى سمو الأميرة فهدة بنت تركي السديري وإبداعات مستشفى قوى الأمن إن كنا نريد طريق الأصحاء عقلياً وجسدياً.
للتواصل: فاكس 014803452
|