Wednesday 11th june,2003 11213العدد الاربعاء 11 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من مشارف الوطن من مشارف الوطن
يومهم الأجمل ويومنا الباهت
سليم صالح الحريص

تلك الصور التي تراءت له.. تواثبت من مخدع الذكريات وتقافزت لتحتل مكان الصدارة وهو يجيب على اسئلة اعادت له زهو الشباب وعنفوانه. رأيته وكأن عمره قد تراجع عشرات السنين.. اطل على شبابه من خلال تلك الصور التي خلفتها الايام وراءها واستدار قرص الشمس صوب الافول. فهل يعني ان مجرد الحديث مع هؤلاء الكبار عن امسهم هو ايقاظ لما ترمد وخبا وهجه فنسقيهم من ماء عذب افتقدوه؟؟ أم اننا نعيد لهم زهو الشباب ونضارته؟؟ فيرون في انفسهم انهم مازالوا بيننا اولئك القامات التي لم تهد من عزيمتها سطوة السنين وجور الايام وضمور اصاب شرايين العلاقات الاجتماعية بل واصيبت بالقحط وأقحلت رياضها. فصاروا بيننا كالغرباء ينغلقون على انفسهم وتوصد عليهم ابواب يوم كان لهم وفتحت ابواب يوم لجيل ليس منهم.. لا يماثلهم. لا يشبهونه ولم يأخذوا منه اي شيء!!
انطوائيتهم .. انزواؤهم بعيدا عن الصخب تدفع بآهاتهم الى فضاء يسكنونه وحدهم.. اطراقهم وامتعاضهم من كل ما يرونه تجعلك تغوص اكثر في ذلك السر الذي تخفيه نظرات شاردة. تعبر عنها دمعة تنحدر بتلقائية حين تهيض جناحه بكلام يأتي ملامسا احساسه الذي رمده واقع وجد نفسه بين براثنه.. تلف به حوامات تخل باتزانه وتوازنه فيجد فيما تقوله ضالته ونديمه الذي يقتات منه كلما احس بأنه في طريقه الى التهميش والخروج من دائرة الارقام الفاعلة الى دوائر الاستيداع والتي هي في معناها ومضمونها الخروج من نبض الحياة.. يطرب ويصغي ويستطيب له الحديث معك لانه يرى في كلامك دغدغة لأحاسيسه وايقاظاً لجمر ترمل وخفي توقده وتوهجه. تشعره بأنه لا يزال في دائرة الاهتمام وتحت الضوء فتتجدد فيه الروح وتورق في قلبه اغصان ما عادت تجيد التمايل بين اليمين والشمال مثلما كان.. انهم يعيشون بين ظهرانينا وفي وسطنا وامامنا وبجوارنا.. اولئك الرعيل الاول الذين يرون انفسهم كالغرباء بيننا.. ويشعرون بأن قطارهم لم يعد صالحا اليوم للسير على قضبان قطارنا.. يشعرون بمرارة لا نعرفها نحن ولا نحس بما يعانونه ولا بمرارة ما يتذوقونه وما يتجرعونه.. يعز علينا ان نراهم فيما هم فيه ويكسر الخاطر منظر احدهم وهو يجلس وحيدا بلا أقران من سنه. قد تباعدوا وباعدت بينهم المساكن والظروف وبقي وحيدا تؤانسه ذكرياته وتلك الاطلالة من وجوه بقيت في ذاكرته يطالعها من شرفته فيرى ان يومهم كان هو الاجمل وان يومنا نحن باهت مثل حالنا. كئيب كنفسياتنا وانكسارها شبه الدائم وتوترنا الذي يصطحبنا من صبحنا ولا يفارقنا حتى في نومنا.. هروباً منه.. اليه.. فهل بمقدورنا ان نفعل شيئا لهؤلاء الاحبة؟؟

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved