قلت يوماً إننا أمة نقّادة، نستلذ النقد وذكر المثالب ونعرض عن ذكر جميل الآخرين علينا أو على مجتمعنا ككل.
ويوم أثنى الشاعر العربي على ذاك الوالي ورفعه فوق منزلته؛ فإنما كان يهدف الى جني ثمرة رآها يانعة، ويوم سقطت خارج حوضه قلب له ظهر المجن.
في عصرنا حدِّث ولا حرج عن أناس وظيفتهم فقط مسح الجوخ ولثم الكفوف من أجل أن ينالهم من الثمر اليانع نصيب، وللأسف الشديد أن هؤلاء المنتفعين ليسوا من الطبقة السفلى من المجتمع، أعني أنهم يتبؤون مراكز اجتماعية عالية، بل إن شريحة منهم نالت من الدرجات العلمية أعلاها، هؤلاء لا يمكن أن يثنوا على شخص ما لم يكن لهم به صلة تؤكد لهم أنهم من رزقه مرتزقون.
هذه المقدمة أعتقد أنها ضرورية من أجل أن أبدأ حديثي عن شخصية وطنية تستحق الإشادة، بل تستحق التكريم من كل صاحب قلم يؤمن بأن شرف المواطنة يعني أشياء كثيرة من أهمها التضحية وإعطاء الوطن بلا من ولا أذى.. بل إن المواطنة تعني أن يكون المواطن القادر عوناً لأخيه المحتاج، والمواطنة تعني المشاركة في التنمية بالعطاء لا بالأخذ، إن إشادة المصانع وتأسيس الشركات ليست مواطنة صادقة ما لم يصاحبها بذل وعطاء.
شخصيتنا أو قل المواطن الصالح الذي نريد الحديث عنه الأستاذ محمد بن عيسى الجابر، رجل ينفق من أجل الوطن بيمينه ولا تعلم شماله بذل يوم منادي العطاء والبذل لإخواننا في أفغانستان ويوم نادى المنادي لإخواننا في فلسطين.. أعطى من كريم ماله وكنت على ذلك من الشاهدين.. دعم مشروعاً علمياً في مدينة جدة بعشرات الملايين، وأشاد كراسي علمية في خارج البلاد، فساهم في رفع اسم هذه البلاد، كل ذلك وهو يردد هذا قليل على وطن أعطاني الكثير.
.. محمد الجابر شخصياً لا أعرفه وإنما أعرف صنيعه منذ سنوات.. أعرف أنه للبذل صديق وللمعروف نسيب.. آخر إحسانه أو قل مشاركته إعلانه استمرار مرتبات حراس مجمع «جداول» الذين استشهدوا في الاعتداء الآثم مساء 11/3/1424هـ من أجل ذويهم المفجوعين. إن أقل ما يمكن أن يقال عن هذا الرجل الكريم «مواطن صالح».
فاكس: 4080796
|