Wednesday 11th june,2003 11213العدد الاربعاء 11 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
بلاد المليون شاعر تتحول إلى بلاد المليون انقلابي
جاسر عبدالعزيز الجاسر

موريتانيا.. بلاد شنقيط.. وبوتقة الشعر والشعراء.. تخلت عن كل هذا الإرث الديني والإبداعي.. لتصبح دولة الانقلابات.. والدولة التي يهيمن عليها العسكر.. ومطمحاً للمغامرين العسكريين من «كولونيلات الجيش».
إذا ذكرت موريتانيا يقفز أول ما يقفز للذاكرة علماء شنقيط الذين حافظوا على سلامة اللغة ونقاوة العلوم الشرعية والفقهية الدينية الإسلامية من الشوائب، وبقدر ما أمدت بلاد شنقيط القارة الأفريقية بالعلماء الأفذاذ الذين نشروا تعاليم الدين الإسلامي الصحيح.. استفادت العديد من الدول العربية من هؤلاء الأفذاذ الذين تصدى العديد منهم للتعليم والدرس فتخرج من تحت أيديهم آلاف العلماء المسلمين المنتشرين في أرجاء المعمورة.
هذا في الدين واللغة.. أما في الشعر، فقد سميت موريتانيا بدولة الشعراء مرة أطلق عليها بلد المليون شاعر ومرات يجزم كثير من النقاد والمهتمين بالأدب والشعر أن كل موريتاني شاعر بالفطرة.. مثلما هو حال أبناء شنقيط الذين يعد كل واحد منهم مشروع عالم في الفقه والشريعة واللغة.
بلاد شنقيط.. ومصنع العلماء والشعراء أصابها ما أصاب العالم الإسلامي والعربي بوجه خاص من تدمير وتخلف.. ومع أن البلاد لا تزال تنجب علماء أفذاذاً.. وتنجب شعراء أكثر.. إلا أن بلاد العلماء والشعراء أضاف أبناؤها إليها «صنعة» أخرى ثالثة، أخذت تزاحم «الصنعتين» السابقتين اللتين اشتهرت بهما.. فعلى مدار الثلاث والأربعين عاماً من عمر الدولة بعد استقلالها عام 1960 عن فرنسا توالت الانقلابات العسكرية دون هوادة، وباستثناء الثمانية عشر عاماً التي تمتعت بها بحكم مدني في عهد المختار ولد داده أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال في عام 1960 إلى عام 1978 وبعدها توالت الانقلابات العسكرية التي قادها عقداء في الجيش.. أجادوا لعبة الانقلابات العسكرية أكثر من إجادتهم لمهامهم العسكرية.. وهكذا توالى على حكم البلاد مجموعة من «الكولونيلات» بدأت بالعقيد ولد السالك في عام 1978 أزاحه بعد عام وفي انقلاب عسكري العقيد ولد لولي في عام 1979 الذي أبعد عن الحكم بواسطة العقيد محمد خونه ولد هيدالله الذي تربع على سدة الحكم من عام 1980 إلى نهاية عام 1984 حيث أزاحه العقيد معاوية ولد سيدي أحمد الطابع بانقلاب عسكري واستولى من خلاله على الحكم في عام 1984.
ظل العقيد معاوية ولد الطايع ممسكاً بزمام الحكم طوال الأعوام الثمانية عشرة والأشهر الستة الماضية، وظن الناس أن موريتانيا ودعت الانقلابات العسكرية، واعتقدوا أن العسكر وكولونيلات الجيش قد سئموا لعبة الاستيلاء على الحكم، إلا أن العقيد صالح ولد حنانة عاد للعبة مرة ثانية ليفرض على البلاد خوض تجربة قاسية خلفت آلاف القتلى والتدمير لبلاد يسعى ويجاهد أهلها لإنجاز تنمية تلحقهم بركب التنمية المنطلق من حولهم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved