تحظى مذكرات المشاهير باهتمام كبير على مستوى العالم من قبل القراء، كونها تعطي معلومات لم يقف عليها القارىء في مصدر آخر، كما ان الناس تتابع باهتمام بطبيعة فضول البشر كل ما يتعلق بالمشاهير.
وبحكم انهم تحت دائرة الضوء فان القارىء يجد متعة في الوقوف على تفاصيل حياتهم، وقيمة هذه المذكرات ان صاحبها يضيف معلومات جديدة، أو يجلو الغبار عن معلومات منسية واحياناً يصحح مفاهيم خاطئة ويبين رأيه في أمور اخرى.
وتكتب المذكرات اما باقلام اصحابها، أو ان تملى على شخص يقوم بصياغتها وتحريرها، ونوع ثالث ظهر مع تطور وسائل الاعلام وهو اللقاءات التلفزيونية التي تذاع على شكل حلقات متتابعة أو تقصر على حلقة واحدة.
ولاهتمام القراء بهذه المذكرات ورواج مبيعاتها، فان دور النشر تتنافس للحصول على حقوق نشرها، وكذلك الصحف ووسائل الاعلام بشكل عام.
في الفترة الأخيرة وعلى مستوى العالم لاحظنا نشاط ظهور مثل هذه المذكرات لشخصيات رجالية ونسائية أدوا ادواراً مختلفة في احداث بلادهم. أو كان لهم موقع اجتماعي وما شابه في بلادهم، ولم تقصر هذه المذكرات على الاشخاص الذين تواروا عن الصورة والساحة، بل كذلك لاشخاص مازالوا يؤدون ويمارسون ادوارهم (أياً كانت هذه الادوار سياسية أو فنية أو اجتماعية أو علمية وغيرها.....)
والمتابع لهذه المذكرات يخرج بانطباع ان كل شخصية تحاول ان تعطي نفسها بعداً وقيمة انسانية كبيرة فتمجد ذاتها، وتدعي امورا لنفسها، وتنسب اعمالاً لم تقم بها إلى شخصيتها وتنفي الاخطاء أو تبديها بشكل منطقي... وهكذا.
وهذا الغلط الواضح يجعلنا نقف لنتساءل عن قيمة هذه المذكرات تاريخياً، فمع تقادم الزمن ستصبح مصدرا، فهل يمكن الركون اليها؟ وقبول كل ما جاء فيها؟
في ضوء السابق، ومن منهجية البحث التاريخي، اقول ان قيمتها التاريخية مفقودة، لفقدان المصداقية فيها.
وللاستدلال اشير الى مذكرات اثنتين من الشخصيات النسائية، الأولى كانت في فترة سابقة، والاخرى ما زالت تمارس دورها في الساحة.
فالأولى هي الأميرة بديعة ابنة الملك علي بن الحسين التي نشرت مذكراتها بعنوان «مذكرات وريثة العروش، الأميرة بديعة ابنة الملك علي حفيدة ملك العرب الشريف حسين بن علي تروي سيرة أهلها ملوك وملكات الشام والحجاز والأردن والعراق، أهم وثيقة عربية في القرن العشرين».
ومن العنوان تتضح مبالغة الأميرة بديعة، فتاريخاً معروف تماماً عدم دقة العنوان وصحته، أما الاشارة إلى الملكات فالمعروف ان هذا اللقب هو لقب تشريفي وليست له أي صفة رسمية، وليس لصاحباته أي دور في ادارة شئون الدولة. وهو تحصيلي حيث اللقب من كونهن زوجات للملوك. اما كون المذكرات اهم وثيقة عربية في القرن العشرين، فهذه مبالغة اخرى لأن من يقرأ المذكرات يكتشف على الفور بان الاميرة بديعة كانت بعيدة تماماً عن شئون السياسة. وان مذكراتها كانت عبارة عن سرد يوميات واحداث اسرية.
والشخصية الاخرى المشار اليها. هي هيلاري كلينتون التي نشرت مذكراتها بعنوان «قصتي» وفيها توضح عمق علاقتها بزوجها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون على رغم المعاناة التي سببتها لها علاقته بمونيكا لوينسكي، وتشير الى أن هذه العلاقة العابرة لم تؤثر على علاقتها بزوجها الذي تتقاسم معه «حباً قاوم عقوداً وكبر عبر تنشئة ابنتنا ودفن أهلنا، وعبر اصدقاء مشتركين وايمان والتزام سياسي مشترك».
لا تعليق على قول هيلاري كلينتون سوى القول ان ما ألزمها الوقوف إلى جانب زوجها وكبت حنقها وغضبها هو طموحاتها السياسية.
اما مايدل على اقبال الناس على شراء هذه المذكرات، فهو صدور مليون نسخة في الولايات المتحدة من مذكرات هيلاري وبيع حقوق النشر في ستة عشر
بلداً حتى الآن حسب ما ورد في الخبر.
|