Tuesday 10th june,2003 11212العدد الثلاثاء 10 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوافذ نوافذ
المدرسة
أميمة الخميس

في مقابلة مع رائدنا الكبير «عبدالكريم الجهيمان» حفظه الله «نشرتها مجلة الثقافية التي تصدر عن الملحقية الثقافية في بريطانيا»، ذكر حكايته مع تبرعه بإنشاء مدرسة، فيذكر في المقابلة بأن هناك مقابل منزله مدرسة لا تتجاوز مساحتها 500 متر، وكان يتألم لوضع الطلاب كيف يسجنون بهذه الأقفاص كالعصافير بدون فناء واسع للعب أو مرافق علاوة على صغر الفصول الدراسية، وأسر للاستاذ محمد القشعمي «الذي قام بمقابلته» بأنه يود لو يستطيع أن يبني مدرسة متكاملة وحسب المواصفات التربوية الحديثة ويقدمها هدية لوزارة المعارف لعلها تفتح الباب للتجار ورجال الأعمال الغيورين على أمتهم ووطنهم.
فذهب إلى مكتب وزير المعارف وبعد مشاورات وجد بأن منطقة الخرج هي الأقرب والأفضل، لا سيما بأن له بها ذكريات حينما كان أول مدير مدرسة أنشئت هناك قبل ستين عاماً.
توقفت طويلاً عند هذه الحادثة، ولم أستطع تجاوز هذه الدوحة الوافرة التي غرسها الجهيمان في أرض الوطن، فهو بالتأكيد لا يمتلك أرصدة ضخمة في بنوك مانهاتن ولا بيوت ساحرة في «لوجانو»، ولا أسوار لقصور تتعب السيارة وهي تقطعها، ولكنه كان يمتلك شيئاً أثمن وأنبل من هذا وأكثر قدسية.
والذي جعلني أتوقف أمام هذه الحادثة، هي طبيعة علاقتنا مع المكان الذي يسورنا بحب، والذي ندعوه الوطن، التفاصيل والحيثيات التي تشكل هذه العلاقة، وتقودنا من رفوف اللغو والكلام، وقرقعة الصحف، وصفحات التهنئة، وتطبيل الذهاب والإياب، وتحولها إلى واقع يحدب وينحني على الأرض كعين فياضة.
كثيراً ما تطوق علاقتنا بالمكان صلات عجيبة يغلب عليها المصالح الخاصة واقتناص الفرص، طابع يشبه السور الأسمنتي الشاهق الذي نضربه حول منازلنا، ومن ثم لا نبالي حقيقة بما يحدث في خارجها.
لفتة رائدنا الكبير الجهيمان، توصلنا إلى حقيقة ثابتة، وهي ان الريادة كل واحد لا يتقطع، الريادة رحلة حب ووله فوق منعطفات عمره، الريادة، وهي ريادة في النبل والسمو ورفعة الهمم، وغرس شجرة فارهة في دوحة الوطن، لا انتظار «البلدية» ان تقوم بهذا كما يفعل الجميع.
ماذا يؤطر علاقتنا بهذا المكان ولما نظل في حالة قصية ومغتربة، علاقة طارئة يسيطر عليها الإحساس باللا جدوى، هل إنسان هذا المكان الذي ظل مغترباً عن قراره وعن تفاصيل يومه، قادر أن ينشئ علاقة جديدة ووطيدة وأكثر تجذراً وانتماء.
رائدنا الجهيمان لك غيمة إجلال واحترام تظللك أين ما ذهبت وحللت.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved