Tuesday 10th june,2003 11212العدد الثلاثاء 10 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيئ من المنطق شيئ من المنطق
بين سوق العمل والشؤون الاجتماعية تستمر الحاجة إلى سياسة إعادة الهيكلة
الدكتور مفرج بن سعد الحقباني

تلقى المواطن السعودي قرار مجلس الوزراء الموقر القاضي بدمج وإلغاء بعض الوزارات ذات المهام المتشابهة والاختصاصات المتشابكة ببالغ الرضا والسرور لكونه يعكس الديناميكية المطلوبة لتحسين وتفعيل الأداء الإداري والمطلوبة للقضاء على التداخل في الاختصاصات بين الوزارات والهيئات الادارية المختلفة. كما أن مثل هذا الاجراء يعطي انطباعاً جيداً عن التوجه الجاد لاعادة هيكلة البنية الإدارية في البلاد بما يحقق الفاعلية المنشودة ويسهم في دعم التوجه نحو تطوير الأداء العام بما يتوافق ومتطلبات التطور الكبير والتغير الهيكلي في طبيعة وحجم المهام والاختصاصات الادارية لكافة الأجهزة الحكومية وغير الحكومية.
وإذا كانت المرحلة الزمنية الحالية تعتبر أحد أهم مراحل التنمية للاقتصاد السعودي لكونها تأتي بعد انكشاف الواقع وزوال الطفرة الاقتصادية ولكونها تمثل مرحلة اعادة البناء لقطاعات ومكونات الاقتصاد السعودي، فإن التحركات التنظيمية التي يشهدها الاقتصاد السعودي في الوقت الحاضر سوف تحدد مدى قدرتنا على اعادة صياغة سياساتنا واستراتيجياتنا وأولوياتنا الاقتصادية وبالشكل الذي يتناسب مع امكانياتنا المحدودة ويتوافق مع المتغيرات الاقتصادية الاقليمية والدولية. وعليه فإن المأمول أن تستمر مرحلة اعادة الهيكلة والبناء لتشمل مجالات أخرى لا تقل أهمية عن تلك التي شهدت نقلة نوعية في مكونها الهيكلي والإداري. ولعل من أهم المجالات التي نتطلع إلى أن يشملها التوجه التطويري الوطني مجال القوى العاملة والشؤون الاجتماعية التي بدا واضحاً للجميع أهميتها وصلتها بواقع ومستقبل استقرارنا الأمني والاقتصادي والاجتماعي وربما السياسي أيضاً. فمن جهة نجد أنه قد أصبح من المعلوم لدى أصحاب العقول السليمة الخطورة الكبيرة التي تربط بواقع سوق العمل السعودي وما يتعلق به من ظواهر اقتصادية مؤثرة وبشكل مباشر على المرتكز الأمني لهذه البلاد مما يتطلب ضرورة السعي لاتخاذ الاجراءات اللازمة لتصحيح الخلل قبل أن يؤدي تراكم تداعيات هذه الظواهر إلى صعوبات أمنية واقتصادية لا يمكن مواجهتها بالطرق الفنية الإدارية المألوفة.
ومن جهة أخرى نجد أن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز إلى بعض الأحياء في مدينة الرياض، قد كشفت واقعاً كان في السابق محل تشكيك لدى البعض ومحل نفي قطعي من بعض المنتفعين الغاطسين في نعيم الطفرة المستمر.
لقد اتضح وبشكل قطعي أن في البلد فقراء وان الفقر قد أصبح ظاهرة تحتاج إلى مواجهة وطنية شاملة للحد من تداعياتها السلبية على مكونات البناء الوطني المختلفة وللحد من دوافع الجريمة التي قد تبدو منطقية للفقير غير القادر على تحقيق المستوى المعيشي المعقول.
ومن هذا المنطلق نجد أن المصلحة الوطنية تقتضي ضرورة اتخاذ اجراءات عملية وسريعة لمواجهة الخلل ولعل أهم هذه الاجراءات انشاء وزارة مختصة بالقوى العاملة وأخرى مختصة بالشؤون الاجتماعية لتحقيق مبدأ التخصص ولتخفيف العبء عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي أعتقد أنها في ظل الامكانيات المتاحة في الوقت الحاضر قد لا تستطيع مواجهة التغير الكبير في متغيرات سوق العمل ومتغيرات البناء الاجتماعي للمجتمع السعودي. وفي اعتقادي ان مثل هذا التعديل يكتسب أهميته الخاصة للأسباب التالية:
1- أنه يحقق الفصل في الاختصاصات ويساهم في تمركز المسؤولية حول قضية محددة ذات أبعاد متشابهة.
2- انه يتواكب ومتطلبات الواقع الذي نحن فيه أشد ما نكون إلى جهة مستقلة تعنى بشؤون القوى العاملة وتساهم في تصحيح الخلل الكبير في سوق العمل السعودي.
3- انه يساهم في تنسيق السياسات وتوحيد الاجراءات المنظمة لسوق العمل بغض النظر عن موقع مساهمة عنصر العمل السعودي.
4- انه يساهم في مركزة المعلومة وتوحيد مصدرها مما يساعد على معرفة الواقع والتخطيط للمستقبل، وفي هذا الشأن أشير إلى أن من أهم المشاكل التي تحول دون اتخاذ القرارات الملائمة لواقع سوق العمل حالة العتمة الغريبة التي تخيم على معظم المتغيرات الرئيسية في سوق العمل السعودي. وبالتالي فإن انشاء وزارة مختصة للقوى العاملة سيساعد على بناء قاعدة معلومات مركزية بدلاً من تشتت المعلومة بين وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبدلاً من تفرق المسؤولية بين جهات حكومية مختلفة تخضع العلاقة فيما بينها الى حالة البيروقراطية التي عادة ما تحكم العمل في القطاع العام.
5- تنامي الحاجة إلى جهة مختصة بالشؤون الاجتماعية في ظل تزايد معدلات النمو السكاني وانخفاض معدلات الانفاق الحكومي وماصاحبه من انتشار لظاهرة الفقر وزيادة في أعداد الفقراء.
وأياً كانت الأسباب فان المنطق يقول بضرورة وجود وزارة مختصة بالقوى العاملة لعلها تستطيع حل العقدة المزمنة المتمثلة في حالة الوهن الشديد التي تعتري مساهمة عنصر العمل السعودي في العملية الانتاجية ولعلها تستطيع التغلب على حالة العشوائية الغريبة التي تخيم على سوق العمل السعودي، وبضرورة وجود جهة مختصة في الشؤون الاجتماعية لعلها تستطيع مواجهة الطلب المتنامي للخدمات الاجتماعية الضرورية للمحافظة على كرامة المواطن السعودي وعلى توجهه نحو الحياة الآمنة المستقرة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved