لفلسطين أهمية بالغة، في نظر الفلسطينيين لأنها وطنهم، وفي نظر العرب لأنها قلب البلاد العربية، وفي نظر المسلمين لأن فيها كثيرا من مقدساتهم.
كما انها موضع تقديس أهل الكتاب جميعا من مسيحيين ويهود وفوق ذلك كله فإن موقعها الجغرافي له خطورته.
فهي تطل على البحر المتوسط، وتتاخم بلدانا كثيرة في آسيا وأفريقية، اذا سيطر عليها شعب من غير جنس أبناء البلاد هدد السلم في المنطقة كلها، فما بالك اذا امتلكها شعب يعادي كل من حوله، شعب أتى فاتحا متحديا، وطرد أصحاب البلاد من أرضهم، التي فيها مقدساتهم وأموالهم وبيوتهم وقبور آبائهم وأجدادهم.
انها لوصمة تلطخ جبين الانسانية، وتهز الشعور والضمير العالميين وفضيحة لا تليق بحضارة العصر ومدنية القرن العشرين أن تتواطأ بعض حكومات الامم الحرة على طرد شعب متجانس من موطن آبائه وأجداده ليحل محله أناس من شذاذ الارض، مختلفو المذاهب والاجناس، واللغات والثقافات، والعادات والتقاليد والأمزجة.
وسيسجل التاريخ هذا الجرم الفاحش الذي يرتد بالجنس البشري الى أحط تصرفات الهمج في ظل قانون الغاب، وان أفظع الجرائم التي يسجلها التاريخ ليست اعتداء فرد على فرد، أو استبداد قبيلة بقبيلة، أو اخضاع شعب لشعب وانما هي طرد أمة آمنة من موطنها دفعة واحدة، ونهب مالها وتقتيل أفرادها رجالا ونساء وأطفالا وتشريد ما بقي منهم، ولم نسمع قط أن أمة ذات حضارة وتاريخ تعاقب بلا جريرة بالطرد والتشريد والفقر والحرمان، والذل والمهانة، والتعرض للامراض الفتاكة وتترك هائمة على وجهها تطلب الغوث ولا مغيث، والعون ولا معين.
هذا هو وضع فلسطين، وهذا هو حظها في الحياة ونصيبها من مدنية القرن العشرين!
|