Monday 9th june,2003 11211العدد الأثنين 9 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شباب وشابات يعرضون مطالبهم ومعاناتهم أمام المجتمع: شباب وشابات يعرضون مطالبهم ومعاناتهم أمام المجتمع:
قبل أن تلومونا ساعدونا!!
الصعوبات التي تضعونها أمام تزويجنا سبب رئيسي لأخطائنا
سفر ومعاكسات وأفلام.. كلها تقود إلى طريق الضياع

تحقيق: مبارك أبو دجين
ماذا يحدث لبعض شبابنا؟ سفر إلى الخارج وانغماس في مشاهدة القنوات الفضائية والانترنت وعزوف عن الزواج وزيادة في معدلات العنوسة وسط الفتيات وأصوات لائمة لا تكف عن إلصاق التهم المختلفة التي جعلوها حكراً على شباب هذا الزمن.. وصمت مطبق من هؤلاء الشباب ينم عن «معاناة» يعيشونها دون ذنب منهم، ولا أحد - فيما يبدو - يمد اليد الحانية اليهم للمساعدة بدلا من الصراخ وكيل الاتهامات.
سؤال نوجهه قبل الدخول للتفاصيل: هل بعض شبابنا مذنبون أم هم ضحايا لأوضاع لا يد لهم فيها؟
تعالوا لهذه الجولة لنطلع على بعض التفاصيل ومن ثم يمكن التصور وتعرُّف حدود المشكلة.
«الفراغ يقودني لمشاهدة الافلام الاباحية المتنوعة» هكذا بدأ الشاب (فهد س.) حديثه لنا، حيث انه في مطلع العشرين من عمره ويقول: نعم لدي بطاقة تمكنني من فك شفرات القنوات الاباحية، وهي قنوات تعرض طوال الـ24 ساعة تقريبا، وأتابع أيضا بعض القنوات التي يبدأ ارسالها في منتصف الليل.
هوس
شاب آخر هو (علي) دخل معنا في الحديث قائلاً: الجنس من الأمور التي تسيطر على تفكيري ولذا أنا أحيانا أتابع القنوات الاباحية أما الذهاب للاسواق من أجل معاكسة النساء فهذا يحدث أوقات الفراغ وأقوم بالمعاكسة عن طريق جوالي. وواصل (علي) وعلى الرغم من كل هذا الهوس الذي يسيطر عليّ فإن هاجس الزواج لا يفارقني، وأفكر فيه كثيراً.. ولكن لا أستطيع.
سارعت بالتوبة!
«كنت أحرص كل الحرص على السفر بانتظام خارج المملكة، وكنت أجد في ذلك متعة حيث أمارس اللهو بمختلف أصنافه دون رقيب».
هذا ما قاله (ج.ب) الذي أشار في نهاية حديثه بلهجة يسودها الندم: بمرور الزمن بدأت أحس بحجم المعصية التي ارتكبتها، ولمت نفسي لوماً شديداً ثم سارعت بالتوبة النصوح واقلعت عن كل ما كنت أفعل من معاصٍ، ولقد تزوجت الآن، وأحمد الله أن هداني الى التوبة وإلى الصراط المستقيم.
نريد المساعدة
شاب آخر يضيف لسابقيه قائلا: الفضائيات بأفلامها الاجنبية تثيرنا نحن الشباب لكن ماذا نفعل؟! إن تأخر زواجنا وعدم الاهتمام بمطالبنا مشكلة كبيرة تواجهنا ولذا فنحن نطالب المجتمع بمساعدتنا عن طريق تسهيل امكانية زواجنا وتحصيننا.
استشارة
(أحمد) شاب آخر يشير الى ما تعرضه الانترنت من صور وأفلام اباحية، ويقول ان هذه المشاهد تؤجج مشاعره وأضاف: ان تبرج النساء في الاسواق والاماكن العامة قد يوقع الشاب في المحظور أيضا.
والدي هو السبب!
ويقول شاب آخر (عادل) سعيت منذ بلوغي الحلم الى حفظ نفسي وعصمها وقد كنت أحلم بزواج مبكر يريحني من وساوس الشيطان وضغوط الغريزة، لكن والدي لم يساعدني على احصان نفسي، فقد رفض تزويجي بحجة الظروف العائلية والمشاكل التي نعيشها، علما بأنه كان - دوما - قادرا على تزويجي لو أراد ذلك.
ويضيف: أمام ذلك أصبحت أسافر وما زلت أسافر كلما وجدت فرصة للسفر وكل ذلك بسبب والدي.
الفتاة والهاتف
وتقول الفتاة (نورة) إن بعض الفتيات يتعرضن لوسائل الاعلام بحرية مطلقة دون مراقبة من الاهل وما كثرة المكالمات الهاتفية التي انتشرت بين أوساط الشباب إلا بسبب ذلك.
للزينة فقط
لا نقصد بذلك فتنة الشباب وأنا تربيت على ذلك منذ الصغر، هكذا قالت الفتاة (أفياء) التي دائما عندما تخرج من المنزل للنزهة أو لقضاء حاجاتها من السوق تتزين باللباس وتتعطر أفضل العطور.
وتواصل حديثها: نعم البعض من الفتيات يعمدن على الظهور باللباس المتبرج.
وسائل الإعلام
الانفتاح الاعلامي من الصعوبات التي باتت تواجهه المجتمعات الملتزمة بالتعاليم الدينية والقيم والاخلاق وهي من أهم مسببات التغيير الذي يحدث في المجتمعات.
هذا ما قاله خالد بن عبدالرحمن الصالح وهو رب أسرة، ويستطرد قائلاً: وليس هناك أفضل من الالتصاق بالأبناء ومحاولة سبر أغوار أفكارهم وتحصيص ما يشبع رغباتهم بضريبة التطور التكنولوجي في وسائل الاعلام والاتصالات.
ويضيف الصالح فيما يخص طلب الابن الزواج: بالنية الصادقة من الابن والأب سوف تذلل جميع الصعوبات بما وعد به الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: «ثلاثة كلهم حق على الله عونه الغازي في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد التعفف».
الثقة في الأبناء
ويرى عبدالرحمن بن عبدالله الدوسري الذي يعول خمسة من الأبناء ان على الأب ان يوجد الثقة في الأبناء من أجل الاعتماد على أنفسهم في معرفة ما يضرهم وما ينفعهم، كما يجب على المربي أن يستغل القنوات الاعلامية الهادفة والبحث عن محاضن تربوية تسد فراغ الابناء كالمراكز والدورات سواء كانت في الحاسب الآلي أو غيره.
ويؤكد الدوسري: ان ايضاح الحالة الاجتماعية للابن بصدق من أجل تقدير الظروف الحالية يخفف من إلحاح الابن للزواج وعدم سلوك طريق الشر منوها أن على الاب دراسة هذا الموضوع بشكل جاد وعدم التهاون فيه بل اعطائه الاولويات ويضيف: على الوالدين تقديم التنازلات إذا أيقنا ان هناك مشكلة ستحصل في عدم زواجه، كما انهم مطالبون بتقديم النصيحة النبوية في هذا الأمر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء».
الرأي النفسي والصحي
الأفلام الاباحية والتعرض للمثيرات الجنسية من أكثر السلوكيات المؤدية الى العديد من المشاكل النفسية والصحية فالانسان الضعيف يكون أسيراً لغرائزه وعبداً لشهواته وهذا ما يراهن عليه المسؤولون عن هذه الافلام وليس القصد منها الاثراء وكسب المال فقط ولكن ايضا لهم مخطط خبيث للإفساد والسيطرة على عقول ومشاعر الشباب وهدر طاقاتهم وهدم دينهم.
هكذا بدأ حديثه الدكتور طارق محمد غرابة أخصائي الجلدية والتناسلية وواصل مشيراً إلى ان المداومة على المشاهدة والتعرض للافلام الاباحية يؤدي من الناحية الصحية الى:
- اختقانات والتهابات مستمرة في البروستاتا.
- تغيرات واضطرابات في الصحة النفسية.
- تغيرات واضطرابات في القدرة الجنسية.
ومن الناحية النفسية فالامر أشد خطورة فالمشاهد يجد نفسه وقد أصبح مثل المدمن عليها لا يقوى على تركها وتجده حريصا كل الحرص على المشاهدة اليومية لأطول وقت ممكن وشيئا فشيئا تجده قد أهمل عمله ومنزله وواجباته، وتناسى مسؤولياته وانشغل عن أسرته وأطفاله.
وعن ما يمارسه بعض الشباب أحيانا يوضح الدكتور غرابة الآثار السلبية لبعض تلك الممارسات الخاطئة مثل «العادة السرية» حيث ان لها أثرها الصحي والنفسي والإفراط فيها يؤدي الى صداع وتشتت الذهن وحساسية في الجلد في بعض الاحيان ولعل الأخطر هو تأثيرها النفسي فقد يكون مدمراً فأولاً الانسان يرى نفسه أسيراً لها لا يستطيع الفكاك منها وكأن الشيطان داخله لا يتركه إلا بعد أن يفعلها ويجد نفسه في حرب مع نفسه، مهزوم دائما فيها فكم مرة يحاول ان يتركها ولكنه يعود دائما لها حتى يفقد الثقة بنفسة وادراكه، إن ما يفعله غير صحيح يجعله في خجل دائم وخوف مستمر من انكشاف أمره ولذلك فقد ينطوي وينعزل ويبتعد عن مشاركة أهله وأصدقائه ويهمل دراسته وعمله.
ويشير د. غرابة في نهاية حديثه إلى ان العلاقات الجنسية المحرمة نتاج طبيعي للعيش الدائم في الجو المثير وحصيلة ضعف الايمان وأمر متوقع لمن كان الشيطان قائده فهو يقلبه في الحرام كيف يشاء لذلك جعل الله سبحانه وتعالى عقوبة هذا الفعل شديدة القسوة في الحياة الدنيا والآخرة.
ومن الناحية الصحية فقد يصيبه الله بمرض قد يودي بحياته مثل الايدز والهربس والزهري والسيلان وغير ذلك كثير مما يعلمه الله فتصبح حياته جحيما من القلق والتوتر والخوف.
النصائح العشر
ويبيِّن فضيلة الشيخ الدكتور حمد بن ناصر العمار وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية ان المشكلات التي نراها في واقعنا اليوم من عدد من الشباب والشابات في ممارستهم لسلوكيات خاطئة لتملي علينا أموراً مهمة يحسن بالجميع العناية بها من باب المسؤولية المشتركة والتي منها:
- أن ندرك جميعا ان فاقد الشيء لا يعطيه، فإذا ما تم اهمال الابناء والبنات بالتوجيه السليم والرعاية الذهنية والسلوكية والاجتماعية والثقافية السوية فإن لذلك أضراراً كبيرة، ولذلك فإنه لا يتوافق لومهم مع اهمالهم.
- أن يدرك الابوان أهمية اشباع احتياجات أبنائهم وبناتهم بطريقة سليمة وسوية، سواء أكانت هذه الاحتياجات نفسية أم اجتماعية، وان لا يترك للغير ان يلج اليهم فيعبث في اشباع هذه الاحتياجات بما لا يتوافق ومع ما عليه التربية الاسلامية.
إن يراعي الآباء والامهات المراحل السنية التي يمر بها الابناء والبنات، واختيار التربية الخاصة بكل مرحلة للابناء والبنات من اكسابهم التعليم، والتقليد والمحاكاة، ثم الاعتماد على النفس، والخوف من الله، واحترام الآخرين، والطريقة المثلى للتعامل مع الغير، وكيفية اكتساب مهارات متنوعة وتطبيق ذلك على الذات، والتفاعل مع المجتمع بشكل ايجابي.
- ضرورة إبعاد الآباء والأمهات أبناءهم وبناتهم عن كل ما يضر بأخلاقهم ودينهم سواء أكان مرئيا أو مسموعا أو مقروءا واقناعهم بأن هذا المسلك فيه صلاح النفس والدين، وتعليمهم ما إذا وصلتهم رسالة أو صورة لا تتوافق وشخصية المسلم كيف يتعامل معها بطريقة قويمة.
- السعي الجاد على تزويج الابناء والبنات حال بلوغهم واستقرار أحوالهم فقد حث الاسلام على تزويج الشباب قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج».
كما حث الاسلام على الاسراع بتزويج الفتيات إذا ما تقدم لهم الكفؤ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء من ترضون دينه وأمانته فزوجوه...» إن في زواج الأبناء والبنات تكمن الراحة النفسية والطمأنينة الوجدانية، وتجعل كل واحد من الطرفين منشغلا بما ينفع ويفيد في تشييد حياة زوجية بشكل بناء.
أهمية عناية الآباء والامهات بتحذير أبنائهم وبناتهم من كثير القنوات الفضائية التي تنشر ما لا يتوافق وأخلاق المسلم، وتتوسع في نشر وعرض الرذيلة، وما يخدش حياء المسلم واحتشام المسلمة، لا سيما وأن كثيراً من المواد الاعلامية يتم انتاجها لبعض القنوات الفضائية في بلاد غير مسلمة.
- تحذير الابناء والبنات من السفر الى الخارج لأن ذلك يؤدي الى الاختلاط المحرم، واكتساب العادات والموروثات التي تخالف ما عليه المسلمون، وعدم تمكينهم من ذلك لأن ذلك من مقتضيات مسؤولية الوالدين على أولادهما والله سبحانه وتعالى سائل كل أحد عمّا استرعاه، قال صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته».
- أهمية إشغال الابناء والبنات وملء أوقات ومساحات فراغهم بالنافع والمفيد وعدم تركهم يعيشون في حالة من الفراغ التي لربما سببت لهم اشكاليات كثيرة، ولا شك ان صنع البديل المناسب هو من أهم الامور التي يعانيها الآباء والامهات والمربون.
- تحبيب الابن والبنت للشخصيات البارزة في المجتمع الذين هم من القدوات الصالحة، ليسيروا متقمصين سلوك هذه الشخصية الفذة المميزة من العلماء والمربين الفضلاء، وان يفيد منهم ويستشيرهم فيما يعرض له، فإنه لا خاب من استشار ولا ندم من استخار.
- ضرورة التعاون فيما بين الجهات المختصة، وذات العلاقة بتوعية أفراد المجتمع وتربيتهم على وضع خطة تكاملية شاملة تراعي اصلاح أحوال الانسان، من الشباب بالذات، مراعية نزوات الشباب، وتطلعاتهم وميولاتهم ورغباتهم والعمل على أن تكون هذه الخطة مرنة وقابلة للتطبيق على أن يشترك في ذلك الجهات التعليمية والتربوية، الجهات الامنية والجهات المسؤولة عن الشباب والرياضة والثقافة والدعوة وغيرها.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved