Monday 9th june,2003 11211العدد الأثنين 9 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
رضا المريض غاية لا تدرك
د. أحمد العيسى (*)

كنت أتحدث مع أحد المرضى، جاءت سيرة أحد الأطباء المتميزين في عملهم وأخلاقهم، وإذا بالمريض يشتاط غضبا وأخذ يجرح في هذا الطبيب ويجرده من كل خير بسبب موقف. بعد أن غصت في أغواره اتضح لي أن الخطأ كان على المريض.
ومريض آخر تنكر لجميل خدمات أحد المستشفيات المتميزة التي خدمته «على حد قوله»، أكثر من 15 سنة، وبسبب موقف واحد من أحد أطباء الإسعاف المقيمين بدأ يتحدث عن سوء خدمات ذلك المستشفى، ويحذر الناس من الذهاب إليه وكأنه ممن يكفر العشير.
حقا نحن في عصر أصبح إرضاء المريض أمراً عسيراً جداً، أنا هنا لست بصدد الدفاع عن الأطباء والمستشفيات ولكني أقول إذا كان الأكل من لحم الإنسان المسلم العادي حراما فلعله يكون أشد حرمة إذا كان مسلماً قد أفنى جل حياته في خدمة المرضى والسهر على راحتهم.
صدقوني إن الرسالة التي يحملها الأطباء هي أمانة يحملها الطبيب منذ أول يوم تخرج فيه في كلية الطب وأدى فيها القسم حتى يوضع في قبره فكل حياته كبد من أجل راحة المرضى، ولو جلست هنا أسرد قصص تفاني بعض الاطباء في هذا المجال لطال المقام، ولكني أسرد قصة واقعية لأحد الزملاء وهو متميز جداً في إحدى القرى المجاورة للرياض وسألته عن سبب وجوده، فقال: عابر سبيل، واتضح لي فيما بعد انه حضر لمعاينة أحد مرضاه من كبار السن الذين يصعب عليهم الحضور للمستشفى لأسباب اجتماعية واقتصادية.
اليوم كان يوم جمعة وهو يوم عائلي وأعلم أن هذا الطبيب هو اب لأسرة تنتظر يوم الجمعة بكل شوق.
ذاكرتي تحمل مواقف فريدة لكثير من الأطباء توضح مدى تفانيهم وليس هذا مجال سردها، ولكن يزعجني كثيراً حينما يكون المجلس جل حديثه عن سوء الخدمات الصحية في بلدنا بسبب موقف فردي، أو اتهام الأطباء بانهم اصبحوا ماديين ويركضون وراء القرش كما وصفهم أحد التجار، وكأن المال حلال له حرام عليهم، ومريض آخر همه التسوق بين الأطباء ومقارنة علاجاتهم يتهم أحد الأطباء بالتكبر وحينما سألته لماذا؟ قال رفض ان يعطيني رقم جواله.
إخواني: تذكروا دائماً أن الطبيب بشر يخطىء ويصيب، وأنه زوج وأب لأسرة من حقها أن تعيش وتستمتع بجزء من ماله ووقته.
إن هناك شريحة من المرضى لو عاشوا في «مايو كلينيك» Clinic mayo حيث الخدمات الصحية المتميزة لقالوا مثل ما قال أحدهم «ما يخدمونا علشان سواد عيوننا، لكن عشان فلوسنا» فلا التقصير ارضاهم ولا الكمال ألهاهم عن الانتقاد.
وصدق من قال: رضا المريض غاية لا تدرك.

(*)استشاري أمراض طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved