رائد من روَّاد الأدب والشعر في بلادنا الحبيبة، صاحب رؤية واضحة، وكلمة أدبية صريحة، وعطاء شعري أصيل، يمكنك أن تخوض بحور الشعر إذا صاحبت عبدالله بن إدريس في زورقه الشعري، وأن تستمع إلى قصائد شعر عربي أصيل في موضوعاتٍ شتَّى على أصداء أمواج بحور الشعر التي تتحوَّل إلى إيقاعاتٍ وأوزان تطرب وتعجب.ويمكنك أن تتعرَّف على ملامح الشعر في نجد في مرحلةٍ زمنيةٍ معيَّنة وأن تطّلع على إنتاج عددٍ من شعراء نجد المعاصرين إذا بدأت رحلةً مع كتابه «شعراء نجد المعاصرون».
ويمكنك أن تتعرَّف على حقبةٍ من حقب الصحافة السعودية، وترى ملامحها وصفاتها، وأسلوبها حينما تسافر مع أعداد جريدة الدعوة السعودية التي أنشأها عبدالله بن إدريس ورأس تحريرها على مدى سبعة أعوامٍ من العطاء.
عبدالله بن إدريس: أديبٌ يرعى المواهب الأدبية ويشجِّعها، ويفتح قلبه لناشئة الأدب والشعر الذين يبحثون في بداياتهم عن صدرٍ أدبيّ حنون، يتَّسع لتوجيههم، والإجابة عن اسئلتهم، والنظر في إنتاجهم.
كنتُ طالباً في المرحلة الثانوية في الباحة، أُلقي بعض القصائدالشعرية وأجد من توجيه الأساتذة وتشجيعهم ما يقوِّي عزيمتي على المضيّ في هذا الطريق الجميل، وكنت أطّلع على الأعداد التي تصل إلى مكتبة المعهد من جريدة الدَّعوة الغرَّاء التي يرأس تحريرها الشيخ عبدالله بن ادريس، وأقرأ فيها بعض القصائد لعدد من الشعراء، وذات يومٍ شجَّْعني أحد أساتذتي على أن أبعث بقصيدة استجادها إلى جريدة الدعوة، وبعثت بالقصيدة ومضت ثلاثة أسابيع قبل أن أجد قصيدتي منشورة في جريدة الدعوة، تلك الجريدة التي كنت في حينها أرى أنَّ الوصول إليها من الأحلام.
وحينما جئت إلى الرياض زرتُ موقع الجريدة في المرقب، ونشرت قصائد أخرى، وسمعت من توجيه الشاعر الكبير عبدالله بن إدريس وتشجيعه ما زادني إحساساً بالثقة في هذا الكائن الجميل المتعب الذي يُسمَّى «الشعر».
وحينما كان عبدالله بن إدريس أميناً عاما للمجلس الأعلى للعلوم والآداب والفنون، شاركت في مسابقة شعرية أعلن عنها المجلس، وكان الفوز بها من نصيبي والحمد لله، والتقيت به بعدها لأسمع من كلامه العذب، وتوجيهه وتشجيعه ما جعلني أشعر أنني أجلس مع أبٍ عطوفٍ حريص على تشجيع المواهب الأدبية، وأنني أرى أنموذجاً للأخلاق الفاضلة، والتعامل الحسن، والمودَّة في الحديث التي تجعلك تتذكر أوصاف أحاسن الناس أخلاقاً الذين يألفون ويُؤْلفون.
من الصِّفات التي تميز هذا الرائد من روَّاد الأدب والشعر السعودي سعة صدره للرأي المخالف، واستيعابه لأصحابه، ودماثة خلقه في التعامل معهم، حيث يتعامل الشيخ عبدالله مع الجميع بوضوح دون حواجز ذهنية أو نفسية، فهو على اطِّلاع في مرحلة من المراحل على أهداف المدرسة الحداثية في الأدب العربي ومراميها، وعلى دراية بمصادرها ومنطلقاتها، وعلى معرفةٍ بمنظِّريها وروَّادها، ولذلك فهو يختلف مع هذه المدرسة في كثير من الأفكار التي تطرحها، وهو رائدٌ من روَّاد الأدب العربي الأصيل، ومصنَّف عند أصحاب تلك المدرسة على أنه «أديب وشاعر تقليدي» ومع ذلك فقد كان ذا صدرٍ رحبٍ في الاستماع إليهم، وإتاحة الفرصة لهم، مع إبدائه لرأيه الصريح الواضح فيهم وفي مدرستهم، وما فترة رئاسته للنادي الأدبي في الرياض إلا شاهد على هذه الصفة التي يتميَّز بها عبدالله بن إدريس حفظه الله .
تحية أدبية صادقة إلى أديبنا وشاعرنا الكبير، وإلى أسرته الكريمة التي نهجت نهجاً محموداً في تكريمها لأحد رجالها الأعلام.
إشارة:
منطق الحق خير ما يذكر الشهم
فَسُحْقاً لمنطق التَّمجيد
|
|