كانت امرأة حاتم الطائي ماوية بنت عفير تلومه على اتلافه المال فلا يلتفت لقولها، وكان لها ابن عم يقال له مالك فقال لها يوما: ما تصنعين بحاتم فوالله لئن وجد مالي ليتلفنه وان لم يجد ليسكن ولئن مات ليتركن أولاده عالة على قومك فقالت ماوية صدقت انه كذلك وكانت النساء يطلقن الرجال في الجاهلية وكان طلاقهن ان يكن في بيوت من الشعر، فان كان باب البيت من قبل المشرق حولته الى المغرب، وهكذا فاذا رأى الرجل ذلك علم أنها طلقته فلم يأتها ثم قال لها مالك ابن عمها طلقي حاتما وأنا أتزوجك وأنا خير لك منه وأكثر مالا وأقبل عليك وعلى ولدك فلم يزل بها حتى طلقته فأتاها حاتم وقد حولت باب الخباء، فقال حاتم لولده يا عدي أما ترى ما فعلت أمك؟ فقال قد رأيت ذلك فأخذ ابنه وهبط بطن واد منزل فيه فجاءه قوم فنزلوا على باب الخباء كما كانوا ينزلون وكانت عدتهم خمسين فارسا فضاقت بهم ماوية ذرعا وقالت لجاريتها: اذهبي الى ابن عمي مالك وقولي له ان أضياف الحاتم قد نزلوا بنا وهم خمسون رجلا فأرسل الينا بشيء تقريهم ولبن نسقيهم فأيقظته الجارية وأبلغته الرسالة وقالت له إنما هي الليلة حتى يعلم الناس مكان حاتم فلطم رأسه بيده وضرب بلحيته وقال: أمرك ان تطلقي حاتما من أجله وما عندي لبن يكفي أضياف حاتم، فرجعت الجارية فأخبرتها بما رأت وبما قال لها فقالت اذهبي الى حاتم وقولي له ان ضيافك قد نزلوا بنا الليلة ولم يعلموا مكانك فاتت الجارية حاتما فصاحت به فقال لبيك قريبا دعوت فأخبرته بما جاءت بسببه فقال حبا وكرامة ثم قام الى الابل فأطلق اثنين من عقالهما وصاح بهما حتى أتيا الخباء ثم ضرب عراقيبهما فطفقت ماوية تصيح هذا الذي طلقتك بسببه.
تترك أولادنا وليس لهم شيء؟
فقال: ويحك يا ماوية الذي خلقهم وخلق الخلق متكفل بأرزاقهم.
|