كنا بأفراحنا صحباً وسمَّارا
والآن أضحت هموماً ثم أكدارا
نبئت أن سقوطاً لست آمله
ألفيتُ بغداد قبل اليوم أنهارا
فما جرى اليوم في بغداد مظلمةٌ
في إثرها أطفأوا شمساً وأقمارا
قد جال دمعي بعينِي من مساربها
ترثي لبغداد إجلالاً وإكبارا
جلَّ المصاب وزاد الظلم من همج
قد دنسوا شجراً وجُلِّلو العارا
قاموا بنهبٍ كهولاكو وسفك دمٍ
في كل يوم يفيق الشعبُ محتارا
كيف السبيلُ وهل من نخوة نهضت
بغدادُ مهدي ولحدي لستُ محتارا
آهٍ فلا ليتني قد عشت ذا زمناً
من ذا هنا يطفئ الأحزان والنارا
أنهارُ بغدادَ فيها غصةٌ ألماً
فيها دماءٌ ودمعٌ ظل منهارا
أين الجسور وقد بيدت بمعركةٍ
أوَّاه ما كنت أخشاه فقد صارا
هذا صبيٌّ أمام الشط مندهشاً
يبكي وقد سُلبت عيناه إبصارا
وذاك ثانٍ يرى أحياء مسكنه
وثالث جُنَّ لما أن رأى الجارا
أبكي العراق فمن قصر إلى نجفٍ
أرثي البلاد وأرثي بعدها الدارا
سالت ببغداد كالأنهار من حَزَنٍ
فأصبح النهر في بغداد قد غارا
ليت الذي صار حلما لا يطول بنا
والحظ مرّ ولا حيّاه مدرارا
سالت دمائي ودمعي كان منهمراً
لما رأيت حضاراتٍ وآثارا
بغداد رَوْحٌ وريحان إلى أبدٍ
من ذا أصابك بالعينين قد جارا
قد كنت عاصمةً للعُرْبِ قاطبة
وهم أناخوا لك الأحمال أحرارا
في أرض بغداد أحداث تؤرقني
قتل وجوعٌ وكان القوم أشرارا
ما من مجيب لشخص حوله مسألة:
كنا ملوكاً وعبّاداً وأحرارا؟
ألستم نسل هارونٍ ومعتصمٍ
واعرباهُ فأين الثأرُ قد سارا
قاموا بهتكٍ لأعراضٍ وفي صفرٍ
هدّوا جسوراً وأشجاراً وأسوارا
تبقى العراق وإن جاروا وإن قتلوا
وسوف يمضون كفاراً وفجارا