تلتقط الحقائق، والحكم، والعظات من أفواه النَّاس، الذين يمارسون الحياة اليومية بكلِّ معتركاتها، ومتطلَّباتها، وحقائقها، ومنجزاتها، ونتائجها، ومفاجآتها على الصَّعيد الشَّخصي في معاش اليوم، وتربية الأبناء، والسَّعي للقمة العيش، وأداء واجبات الحياة، أو كان على الصَّعيد العام من التَّفاعل مع الآخر في الجيرة، أو الوسيلة، أو مشاركة الهواء، والماء، والضَّوء والصَّوت.
من هذا المنطلق فإنَّ ثَمَّة حقيقة، قد انبثقت من خلال «الأحداث» التي تمرُّ بالإنسان في عامَّة الأرض، وبالمسلمين في خاصَّة مواقعهم، هذه الحقيقة تقول: إنَّ المثل الذي قيل: «ربَّ ضارَّةٍ نافعة» هو مفتاح الحكمة في هذه الأوقات.. ذلك لأنَّ النَّاس الذين يمارسون الحياة هم الذين بدأوا يعون بعمق كلَّ شاردة وواردة من حولهم، ولم تعد تمرُّ بهم الأمور مرور الكرام، ولم يعد الواحد منهم في غفلة الاطمئنان، ودعه الرَّاحة، أو طمأنينة الاستئناس، فكلُّ صوتٍ، وكلُّ صورةٍ، وكلُّ قولٍ، وكلُّ عملٍ له تبريرات عندهم، وهم يفسِّرونه في ضوء نتائج ما يرون، وصور ما يشاهدون.
صحيح أنَّ هذا الأمر مقلقٌ للإنسان، ولا يحقِّق له سكينة تيسِّر له المعاش الهادئ، والإحساس بالحياة بشكل أفضل، غير أنَّ الأجدى من هذه اليقظة، هو منافع المضرَّة التي لحقت بالمجتمعات البشرية والتي من شأنها إحداث واستحداث أساليب أفضل للتعامل مع النَّاس والحياة، كي ينعكس ذلك عليها.
إنَّ المتوقَّع أن يُعاد النَّظر ليس فقط في صياغة آليات تعامل الإنسان مع الآخر، أو برمجة سلوك الحريَّة، والعدل، والحقِّ، في شكل غير الذي اعتاد عليه الإنسان.. بل في سلوك التَّفكير والتَّربية وإن خضعتْ جميع برامج وسائل الإعلام، بل الَّرفيه المقروء والمسموع والمرئي، لقراءة دقيقة وإن جاءت هذه القراءة لما وراء لعبة تقدَّم لطفل، أو أغنية تُنشد له من أهداف ومقاصد خفيَّة.
فالمضرَّة قد جلبت من المنافع ومنها ما عاد على الإنسان ببرمجة ذهنيَّة مختلفة ولعلَّها أن تفيد في خفايا الأمور بمثل ما تفيد في ظاهرها وعلى وجه الخصوص في التَّربية.
|