عندما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بشرى إنشاء جامعة الأمير سلطان للعلوم والتقنية في محافظة الطائف التي تتكون من عدد من الكليات الطبية والصحية، لم تقتصر الفرحة بذلك على أهالي الطائف فحسب وإنما استبشر جميع أهالي المملكة بهذا الصرح الطبي العملاق الذي سيجني ثماره الكثير من أبناء وبنات هذا الوطن.
لقد جاءت موافقة سلطان الخير على دعم سموه وتبرعه السخي لهذا المشروع الطبي كترجمة واضحة للنظرة الاستراتيجية بعيدة المدى التي يتمتع بها سموه عند انشاء مثل تلك المشاريع التنموية، ولا يستغرب ذلك إذا ما علمنا بأن سموه هو المهندس الأول لكافة المشاريع ذات البعد الاستراتيجي والتي يحتضنها برنامج التوازن الاقتصادي. لقد جاءت موافقة سلطان الخير على دعم انشاء تلك الكليات الصحية والطبية إدراكاً من سموه لما يعانيه القطاع الصحي في المملكة من شح في الكوادر الوطنية، حيث ان نسبة اعداد الاطباء السعوديين في قطاع وزارة الصحة لا تتجاوز 7 ،18%، كما ان نسبة الأطباء السعوديين في مستشفيات القطاع الخاص تبلغ 3 ،3% وبالتالي فعندما يدعم سموه قيام كليات الطائف الصحية والطبية التي كشفت الدراسات الخاصة بها بأن اعداد المقبولين للدراسة فيها ستصل إلى 4500 طالب وطالبة خلال عشر سنوات إضافة الى خمسة وعشرين ألف طالب وطالبة سيتلقون دراساتهم الطبية والصحية فيها من خلال أسلوب التعليم عن بعد، وبالتالي فإن ضخ تلك الاعداد الكبيرة لسوق العمل الطبي والصحي في المملكة انما يؤكد المنظور الشمولي والبعد الاستراتيجي الذي يسيطر على فكر سلطان عندما يقوم سموه الكريم بدعم ورعاية مثل تلك المشاريع التنموية. عندما خاطب سلطان الخير رجال الاعمال للاسهام في إنشاء هذا الصرح الطبي العملاق في محافظة الطائف، لم يدعوهم سموه للتبرع لانشاء هذا الصرح وإنما ارتكز خطاب سموه على مرتكزات استثمارية بحتة عندما قال: (إن مخاطبتنا لكم بحكمكم من ذوي السمعة الجيدة والحس الوطني والرؤية الاستثمارية السليمة، هي بمثابة دعوة لكم لدراسة ملخص الجدوى الاقتصادية والنظر الى هذا المشروع من منظور استثماري بحت)، فعندما يتضمن خطاب سلطان لرجال الاعمال تلك العبارات فهذا يعني ادراك سموه التام للجدوى الاقتصادية التي سيجنيها الوطن ورجال الاعمال على حد سواء من انشاء هذا الصرح الطبي. عندما وجه سلطان الخير القائمين على تلك الكليات بعدم المغالاة في فرض الرسوم الدراسية على الراغبين من أبناء وفتيات الوطن الراغبين بالدراسة في تلك الكليات (36 ألفا سنويا لكليات التمريض و58 ألفا سنويا لكلية الطب، حيث تعد تلك الرسوم أقل بكثير من الرسوم التي تفرضها الكليات الطبية والصحية في خارج المملكة) فإن من يتمعن في هذا التوجيه لسموه الكريم يدرك ان هذا التوجيه قد جاء مليئا بالمكتسبات الاستراتيجية بعيدة المدى والتي قصد سلطان تحقيقها لهذا الوطن سواء في الجانب الديني أو الاجتماعي أو الثقافي أو الاقتصادي. وعندما وجه سلطان الخير بأن تكون محافظة الطائف مقراً حاضنا لتلك الكليات الصحية والطبية، لم يكن غاية سموه تحقيق مكتسبات اقتصادية لتلك المحافظة فحسب، وإنما جاء هذا التوجه لسموه هادفا لتحقيق العديد من المكتسبات الاستراتيجية لمحافظة الطائف وأهلها. فسموه يدرك عدم وجود جامعات أخرى بمحافظة الطائف، وقد قصد سموه من انشاء هذه الجامعة تحقيق الاستقرار الاجتماعي لأهل المحافظة والحد من هجرة أبنائها لمناطق أخرى بقصد طلب العلم، وسموه يدرك أهمية تحقيق التوازن بين مناطق المملكة عند توزيع المدخرات الوطنية الاقتصادية بشكل يكفل تحقيق الاحتياجات التنموية لأهل كل منطقة من مناطق المملكة. كما أن سموه يدرك الركود الاقتصادي الذي تعيشه محافظة الطائف خلال السنوات القليلة الماضية، وقد قصد سموه من خلال هذا المشروع تحقيق اضافات تنموية واقتصادية للمحافظة وأهلها كفيلة بتنشيط الحركة التجارية في المحافظة وكفيلة ايضا بايجاد المزيد من فرص العمل لأبناء المنطقة. وأخيراً إذا كانت النظرة الاستراتيجية بعيدة المدى لها أهميتها القصوى عند الشروع بإنشاء أي من المشاريع التنموية الوطنية، فإن لنا الحق بأن نفخر بفكر سلطان الذي طالما تمتع بالنظرة الشمولية والبعد الإستراتيجي عند دعم سموه لأي من مشاريع هذا الوطن.
|