* الرياض - الجزيرة:
أولت المملكة منذ عهد مؤسسها الاول الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - عناية فائقة بخدمة القرآن الكريم، وحفظه، وتفسيره، وأثمرت هذه العناية ثمرات مباركة من بينها التطور الكبير في زيادة اعداد الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في كافة مناطق المملكة، وتضاعف عدد المستفيدين من مناشطها من الذكور والإناث مئات المرات، كما امتد نشاط هذه الجمعيات الى العديد من المؤسسات والهيئات الحكومية بدعم من ولاة الامر -حفظهم الله-، كما تعددت المسابقات القرآنية لتشجيع المنافسة بين الجمعيات، وطلابها، ونشر حفظ كتاب الله بين أفراد المجتمع، وزيادة اعداد الحفظة، والاستفادة منهم في توسيع مناشط الجمعيات، وزيادة عدد حلقات تحفيظ القرآن الكريم.
بداية الإشراف
ويرصد الامين العام المكلف للمجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الشيخ عبدالله بن حمد المزروع تطور الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم منذ نشأتها، والتوسع الكبير في أعمالها، فيقول: فمنذ أن قامت الدولة - وفقها الله -، برعاية هذه الجمعيات، واسناد الاشراف عليها الى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في عام 1400هـ، التي قدمت جهوداً مباركة في تنظيم، وترتيب أعمال الجمعيات، تضاعفت اعداد الجمعيات، وطلابها، وحلقاتها، وخرجت اعداداً كبيرة من الحفاظ للقرآن الكريم، وبعد إنشاء وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والإرشاد عام 1414هـ، ضمت الجمعيات تحت إشرافها، وبذلت جهوداً مباركة، وأعمالاً جليلة في إعداد اللوائح التنظيمية لأعمال الجمعيات الإدارية، والمالية، والتعليمية، فانتشرت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في جميع مناطق، ومحافظات، ومراكز المملكة حتى بلغ عددها هذا العام 1424هـ «106» جمعية وفرع.
حلقات للكبار والصغار
ويضيف الشيخ المزروع: وساهمت هذه الإجراءات التنظيمية في نشر حلقات تحفيظ القرآن الكريم للبنين في جميع مناطق المملكة، وبلغ عددها «11885» حلقة في المساجد، بالإضافة الى فتح فصول لتحفيظ القرآن الكريم للبنات بلغ عددها «8022» فصلاً، يدرس فيها اكثر من «452038» طالباً وطالبة، تخرج منهم «5021» حافظاً وحافظة، كما افتتحت حلقات في السجون ودور الملاحظة اسهاماً من الجمعيات في الإصلاح الاجتماعي، وبلغ عدد هذه الحلقات «389» حلقة، يدرس فيها «6910» طالب وطالبة، بالإضافة الى حلقات في مركز الدفاع المدني بلغ عددها «116» حلقة يدرس فيها «2169» طالب، كذلك اقامت العديد من الدورات التدريبية في القرآن الكريم، وتجويده لجميع فئات المجتمع ودورات تأهيلية لمعلمي القرآن الكريم.
الى جانب المشاركة بنخبة من الحفاظ من خريجي الحلقات في المسابقات المحلية والدولية التي تقيمها الوزارة، وإنشاء معاهد متخصصة في القرآن الكريم، وتجويده، وتفسيره، وتنظيم المسابقات القرآنية في مجال حفظ القرآن الكريم وتفسيره، كذلك إقامة الاحتفالات السنوية برعاية اصحاب السمو الامراء والعلماء لتكريم الحفاظ للقرآن الكريم.
هذا بالإضافة إلى الإسهام في مشروعات محو الامية للكبار ذكوراً وإناثاً، بتعلم قراءة القرآن الكريم، وبلغ مجموع حلقاتها في هذا الاتجاه «2673» حلقة، يدرس فيها «47862» طالب وطالبة، كما افتتحت حلقات للناشئة بنين وبنات باسم حلقات «التلقين» بلغ عددها «2134» حلقة وفصل، يدرس فيها «47200» طالب وطالبة.
دعم مستمر من ولاة الأمر
وحول اهم أهداف الجمعيات التي تسعى الى تحقيقها، اكد الشيخ المزروع ان العناية بكتاب الله تعالى، وتيسير حفظه، وإتقان تلاوته وتجويده بين ابناء المسلمين وبناتهم، هو الهدف الرئيس للجمعيات الخيرية، يتفرع منه عدة اهداف اخرى تطبيقية، منها: تهيئة الاجواء المناسبة، واختيار المدرسين الاكفياء، واعدادهم لتعليم كتاب الله تعالى، وربط المسلم والمسلمة بكتاب الله للعمل بمقتضاه، وذلك بفهم معانيه وتفسيره، وتوفير الوسائل التي تشجع النشء على الاهتمام بحفظ كتاب الله، واعداد القراء والحفظة لإمامة المصلين في المساجد، بالاضافة الى الاسهام في محو الامية بتعليم القرآن الكريم، والارتقاء بمستوى وعي وإدراك الفتاة والام من خلال التربية على خلق القرآن الكريم، واعتماده في تربية الاجيال.
كم ان الجمعيات من خلال مناشطها المتعددة تتيح الفرصة لإسهام المواطنين في هذا العمل الخير تزكية لاموالهم، وتطهيراً لها، وقد عزز من نشاط الجمعيات، واتساع اعمالها، ما توليه حكومتنا الرشيدة - وفقها الله - من عناية كبيرة بهذه الجمعيات، ودعم مستمر لها، والذي يتضح من تخصيص اعانة سنوية لها، ومنحها الاراضي اللازمة لإقامة مقراتها الإدارية والاستثمارية، حيث وجه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - بتخصيص ارض بمساحة 2500م مربع لكل جمعية خيرية لتحفيظ القرآن الكريم في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، كذلك صدور الامر السامي الكريم ذي الرقم 19865/ر المؤرخ في 21/11/1422هـ، بشأن الموافقة الكريمة على قرار مجلس الوزراء الموقر رقم «273» وتاريخ 7/11/1422هـ، الذي ينص على تخفيض رسم التعرفة الكهربائية لمقرات جمعيات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم الخيرية، ومعاملة جمعيات تحفيظ القرآن الكريم الخيرية ومدارس تحفيظ القرآن الخيرية التابعة لها من حيث الدعم والمميزات الاخرى معاملة الجمعيات الخيرية الحاصلة على ترخيص من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، كذلك تخصيص جزء من موارد الاوقاف من وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والإرشاد لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، كما ينص القرار الكريم على زيادة الإعانات الحكومية النقدية والعينية لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، وقد قامت الوزارة بتوجيهات من معالي الوزير - حفظه الله - بتفعيل هذه الاوامر الكريمة.
دور نسائية
ويشير الشيخ المزروع الى ان توجيهات ولاة الامر - حفظهم الله - لتعميم الفائدة المرجوة في خدمة كتاب الله تتضح ايضاً في صدور الامر السامي الكريم رقم 7/ب/23696 والمؤرخ في 21/11/1422هـ، الذي يقضي بمنح الدور النسائية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم وفروعها قطع اراض في مواقع مناسبة لإقامة مقراتها، وهو ما جعل الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالفعل إحدى القنوات التعليمية البناءة التي تقوم بدور فاعل لإصلاح المجتمع، وتربيته على كتاب الله عز وجل.
وقد أثمرت هذه الجهود المباركة - ولله الحمد - فارتفع عدد الخريجين من حفظة كتاب الله تعالى في كل عام، خاصة من الشباب السعوديين، فقامت الجمعيات بالاستفادة منهم في مجال التدريس، والتوجيه في حلقات تحفيظ القرآن الكريم، لما يحققه هذا الامر من فوائد، ومصالح كثيرة للجمعية والمدرس والطالب، وذلك تمشياً مع توصيات وقرارات المجلس الاعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، والرامية الى رفع نسبة عدد المدرسين السعوديين في الجمعيات الى 60% في عواصم المناطق، و 30% في المحافظات والمراكز خلال الثلاث السنوات القادمة، وتم بالفعل اتخاذ عدد من الخطوات المناسبة لتحقيق هذا الهدف منها: رفع مكافأة المدرس السعودي، تشجيعاً له للانخراط في هذا المجال، وعدم توسع الجمعيات في فتح الحلق عند تعذر وجود المدرس السعودي، وضم الحلقات الصغيرة الى الاكبر منها، كذلك الحد من طلبات الاستقدام في الجمعيات.
سعودة الجمعيات
ويؤكد الامين العام المكلف للمجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ان هذه الاجراءات حققت نتائج طيبة، وبلغت نسبة سعودة المدرسين ذكوراً وإناثاً 100% في بعض الجمعيات، مثل فرع الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في مدينة بريدة، وفرع الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الاسياح، كما حققت «22» جمعية نسبة 100% في سعودة مدرسات حلقات تحفيظ القرآن الكريم للإناث، مع مراعاة ان عدداً كبيراً من الجمعيات لم تكمل المدة اللازمة لتطبيق الخطة، نظراً لكونها من الجمعيات الحديثة الافتتاح، وباستبعاد هذه الجمعيات نجد ان عدد الجمعيات المطبقة للخطة «78» جمعية، والجمعيات التي على وشك الوصول للنسبة المطلوبة «13» جمعية، ليكون بذلك نسبة الجمعيات المحققة للخطة 86% ، ويكفي للتدليل على نجاح الخطة ان عدد المدرسين السعوديين عند صدور القرار لم يتجاوز «3304» مدرس ومدرسة، بلغ بعد تطبيق الخطة «7273» بزيادة قدرها «3969» مدرساً ومدرسة بنسبة زيادة 120% وهذه نعمة عظيمة نشكر الله عليها.
وتعمل الوزارة على استمرارها من خلال مضاعفة الاهتمام بهذا الجانب لسعودة مدرسي الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، والوصول بها الى النسب الموافقة لمخرجات تلك الجمعيات من حفظة كتاب الله تعالى، والدلائل والمؤشرات السابقة توضح امكانية تحقيق هذا الهدف في وقت قريب بمشيئة الله، وتوفيقه.
|